الوطن حيثما توجد الموسيقى

Music in Exile © Bana Haffar

إن الموسيقى شيء نمارسه منذ أن كنا نعيش رُحَّلًا في فجر التاريخ. فهي ممارسة تهدف إلى توحيد الناس خلف لغة وحالة، هي شيء نمارسه في الوطن أو بعيدًا عنه، وتكون خطيرة على أية حال على الطريق، وتوجد في عقولنا وقلوبنا، مع أجسادنا، سواء وحيدين أو لتقربنا من بعضنا البعض، لنجد موقعنا، وعلى أمل أن ننتمي إلى هذا الموقع.

تقول ناديا سايس

يتفكر كل فنان في هذه المجموعة في مسألة البحث عن وإيجاد وطن. بالنسبة لفريق "The Finches"، يعني الأمر تعلم كيفية الانتماء إلى مكان يرفض فيه الكثير من الناس صوتهم وطريقتهم، بينما يعني لآخرين إيجاد موطئ قدم في بلاد أجنبية. أما "Wizzy" فقد هرب من الخطر ووجد ملجأ في أغنية في جانبه، بينما تسافر بانة حفار مع أصوات تركيبية وتسجيلات ميدانية لتقوية جذورها على الأرض، وتقوم كل من "Mentrix" ورشا نحاس باستخدام الموسيقى والحركة والمرئيات للبقاء على اتصال مع أوطانهم وعرضها للعالم، بينما استقر كل من "Zazuka" و "WYWY" في وطنهم الجديد حيث يلحنون أنغام استقرار في العش قد تتسبب بالرحة لأولئك الذين يحتاجونها مثلهم.

يشتمل عملي كمشرفة على هذا القسم من المعرض وكذلك للفعاليات الحية التي تقام غالبًا في برلين ولوس

أنجلوس، على عرض كافة أوجه التنوع التي يقدمها الوسط الموسيقي من ناحية، ومن الناحية الأخرى على جمع

أكبر عدد ممكن من الناس المختلفين تحت سقف واحد للاستمتاع بالعرض. إن الاحتفاء بالتفرد والتميز، سواء كان

ثقافي أم إثني أم مجتمعي أو حتى انغلاقي، من خلال جعله متاحًا ومُعلِمًا ومُرحِبا بالكثيرين، هو مفتاح ضمان أن تصبح هذه الاختلافات عنصر الجذب الذي يتعدى العِرق والنوع واللغة والكثير غير ذلك، حتى ولو لفترة قصيرة من الزمن. إن الموسيقى تفتح بابًا لفهم بعضنا البعض بدون كلمات، ولرؤية بعضنا البعض كبشر بغض النظر عن ظروفنا.

تُمثل الهجرة بالنسبة للمهاجرين نموًا شخصيًا أو اقتصاديًا، أو مُجرد نجاة. ويُعتبر الترحيب بالمهاجر بالنسبة للبلد المُستقبلة إما عبء أو إحسان، ونادرًا ما يُنظر بعين الاعتبار إلى أن أغلب حركات الهجرة هذه موجهة من قبل القوى الإمبريالية التي تعمل منذ قرون. فبجانب القوى العاملة القيمة التي يجلبها المهاجرون إلى الدول المضيفة، هُناك جوانب إيجابية تتمثل في فنونهم وحرفهم مثل الموسيقى والرقص أو الطبخ والتي تيسر من طرح المشاعر السلبية جانبًا وتحاول وتتمكن من إفساح مجال للغرباء. وكنتيجة لذلك تشهد الدول المضيفة ثراء في إرثها الثقافي والتواصل أكثر مع العالم الخارجي، كما يستطيع المهاجرون الاستمتاع بعادات كل من بلدانهم الأصلية وأوطانهم الجديدة بينما يعملون كجسور ثقافية أساسية بينهما. ونفس الشئ ينطبق على الجماعات غير المرحب بها في أوطانها، فبمرور الوقت يجب أن يصبح الشغف والجمال النابعان من الفنانين معديًا ويغير من هؤلاء المأسورين في طرقهم القديمة.

ستحكي الموسيقى قصصًا وتفتح أبوابًا وتصلح الصلات المقطوعة أو تُنشئ أخرى جديدة. هناك تسجيل صوتي لكل الرحلات التي اشتملت على البحث عن وطن جديد، وأتمنى أن تتواصلوا مع وتستمعوا بهذه القصص المختارة التي يحكيها كل من بانة حفار، و "Mentrix"، ورشا نحاس ، و "The Finches"، و"Wizzy"، و"Zazuka".