جاسمين فيرنر: قصر الجمهورية الألماني في برج خليفة

Palast der Republik Burj Khalifa © Jasmin Werner

عمل فني أُقيم احتفالاً بالذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وألمانيا

8-13 نوفمبر 2022، أسبوع دبي للتصميم، d3، حي دبي للتصميم
16-20 نوفمبر 2022، فن أبو ظبي، منارة السعديات، أبو ظبي

تستكشف الفنانة جاسمين فيرنر بعملها الفني “قصر الجمهورية الألماني في برج خليفة” الروابط المعمارية بين برلين ودبي. فقد جلبت عوارض من الصلب مأخوذة من قصر الجمهورية المهدم لتوظفها في برج خليفة. تضم الفنانة البنايتين في علاقة مباشرة، وتجمع كلا الشكلين في منحوتة من السقالات. نُفذت تلك المنحوتة من مواد معاد استخدامها، مثل شبكة البناء والقماش من دولة الإمارات العربية المتحدة. وسيجري دمج المواد مع الصور المطبوعة على شبكة البناء التي تشير إلى الرحلة التي قطعها الصلب المعاد تدويره من روسلاو ديساو عبر تركيا إلى الإمارات العربية المتحدة.

بدعم سخي من السفارة الألمانية في دولة الإمارات العربية المتحدة
بتنسيق فني من معهد جوته

Logo German Embassy UAE © © German Embassy UAE Logo German Embassy UAE © German Embassy UAE

 

جاسمين فيرنر: قصر الجمهورية الألماني في برج خليفة

تعتمل في بحوث جاسمين فيرنر الفنية وقائع تاريخية متشابكة؛ ففي في آخر نسخة من "قصر الجمهورية الألماني في برج خليفة"، تتتبع الفنانة الألمانية الفلبينية رحلة مواد البناء من ألمانيا إلى الإمارات العربية المتحدة، فتراها تنسج من الخيوط ما يربط بين الصلب، وهجرة العمالة، ومعمار القوة. إنها تُبدع "بناءً" هجينًا، يتخذ شكل منحوتة من السقالات، يبلغ طول قاعدته أربعة أمتار تُصور مبنى الجمهورية الديموقراطية الألمانية السابق، Palast der Republik، أي قصر الجمهورية، يحتضن قطعة عمودية طولها ستة أمتار من برج خليفة، أعلى مبنى في العالم، والذي يقف مُشرَئِبًا في دبي. أقيم هذا العمل بمقياس 45:1 مقارنة بالصرحين الأصليين اللذين جمعت بينهما التجارة العالمية؛ فبسبب ارتفاع أسعار الصلب الذي شهده عِقد الألفين، أعيد استخدام الصلب المستخرج من القصر المهدوم (2006-2008) في بناء برج خليفة.

ومن العَجب أن القطعة التي أعادت فيرنر تصميمها لتنفيذ برج خليفة ليست واحدة من قممه اللامعة، بل، على عكس تصوُّرِنا للشكل العمودي، هي القاعدة التي تقع في نقطة ذات مغزى يتصل بالقصر (بضِعف عرضِه). وتلك ليست مجرد قياسات اعتباطية، بل هي تعقيب ثاقب على سقوط كيان دولة ما، وصعود أخرى، وعلى أن الهياكل الاشتراكية والرأسمالية ما هي إلا صورًا في المرايا، إنها تشي بأن الاتجاه رأسيًا يمثل الانطلاق والتقدم، وأن واجهات العمارة الخارجية تطوي في ثناياها طموحات الليبرالية الجديدة، وتُخفي ملامح العمال الذين وضعوا أساساتها. ومن ثم، يعرض عمل فيرنر المركّب طبقات من الصور شبه المُعتمة التي جرى مسحها ضوئيًا وطباعتها على شبكة البناء؛ فتُلقي تساؤلات على الواجهة المعمارية التي لا يسهل النفاذ إليها، طارحةً فيضًا من الرموز الموحِية والدلالات التي تتحدى الرائي وتراوغه. فالقطعة المأخوذة من القصر في هذا العمل تُطَوِّقها صورة عريضة الزاوية ومقربة لحشد من العمال وقد تجمعوا أمام القصر عند الانتهاء من إنشائه في 1976. تبدو الصورة كبحر من الوجوه المبهمة، وبذلك تعكس بوضوح غرض الفنانة، ألا وهو أن تُخفي ما تحاول أن تُبديه، فلا يَبرُز سوى البعد الإنساني المنسي خلف الركب، ما إن يكتمل بناء مثل تلك الصروح الضخمة. أما الصورة الثانية فتأخذ المشاهد لمنظر طولي لأرضيات القصر.

أما قطعة برج خليفة فتركيبها أكثر تعقيدًا. فقد احتشدت فبها مقاطع من صور متداخلة نُفذت على شبكة تحاوط هيكلها المتدرج الذي ينطق بالروح العربية. عليها تجد صورة مشوشة لعوارض حديدية معاد تدويرها ذات لون أصفر حامضي، وواجهة برج خليفة المعدنية، وسماء برلين الضبابية، وواجهة القصر البرونزية، وصورة أكثر وضوحًا لعمال تعلو البسمة وجوههم– كلها في مزيج يجمع بين هؤلاء الذين شاركوا في بناء برج خليفة (من صورة التقطتها إحدى قريباتها – بيبا كاداواس Pepa Cadawas) وطاقم العاملين بقصر الجمهورية هذه المرة. هنا، تتحد في عمل فيرنر سردية صُغرى بطلُها الصلب، مع سردية كُبرى تصور تدفقات العمالة لخدمة الدولة. كما تستحضر صور البناء، بنسيجه ومواده، آتيًا من أصوله في برلين إلى مقصده في دبي.

يمثل هذا العمل صرحًا يبدو وكأنه غير مكتمل، يتعانق فيه القصر الجمهوري، بما يحفل به من وقائع تاريخية، مع برج خليفة الذي مازال يصنع التاريخ، فيمنح الرائي فرصة للتطلع إلى أعلى، في عرض سماء صناعية تبدو من خلال التصميم الشبكي والمعادن، فلا يلبث أن يصافح عينيه شيءٌ لايزال تحت الإنشاء، وسيظل دائمًا أبدًا في طور التكوين.

(نادين خليل)

Jasmin Werner © © Jasmin Werner Jasmin Werner © Jasmin Werner
 جاسمين فيرنر
(كولونيا، ألمانيا) فنانة ألمانية فلبينية تستكشف معمار القوة وتستنطق الأشياء ذات المكانة. أعمالها تجذب الانتباه نحو الحركات العابرة للحدود الوطنية، مع إفساح مجال واسع للإنتاج والاستهلاك. فمدلولات الرموز لدى فيرنر تشي بأن اللحظات التي يتشكل بفعلها واقعنا لابد وأنها ستظل تتردد وتتكرر في مسار متصل من الزمن. حصلت جاسمين  في عام 2017 على الزمالة بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر بسيول. في 2022، كما حصلت على انتداب بستوديو كالي (Callie’s Studio) في برلين وانتداب بورشة كيه كيه في (KKV workshop) في مالمو. عرضت أعمالها بعدة محافل منها كونستفيراين براونشفايج (Kunstverein Braunschweig)، بيرينزفينجر (Bärenzwinger) (برلين)، ومتحف فولكفانج (Folkwang) (إسِن)، وداميين آند ذا لاف جورو (Damien and The Love Guru) (بروكسل)، وجاليري جويدو و. باوداخ (Galerie Guido W. Baudach) (برلين)، ودومونت كونستهالِه (DuMont Kunsthalle) (كولونيا)، وبوندسكونشتالِه (Bundeskunsthalle) (بون)، وغيرها الكثير. وقد درست بجامعة كارلشروه للفن والتصميم (HFG Karlsruhe)، وأكاديمية جيريت ريتفيلد (Gerrit Rietveld Academie)، وختمت دراستها بكلية شتادلشوله للفنون الجميلة (Hochschule für Bildende Künste Städelschule) بفرانكفورت أم ماين، حيث تتلمذت في دراستها العليا على يد بيتر فيشلي (Peter Fischli).