التأهيل وتقديم المشورة
الإدارة الثقافية ۲۰۱٥: نظريًا وعمليًا وبقدر كبير من الإلهام

 صورة جماعية للمشاركين في برلين؛ الصورة
صورة جماعية للمشاركين في برلين؛ الصورة | الصورة: معهد جوته القاهرة | برنهارد لودفيج

وخلال هذا العام أيضًا جمعت أكاديمية الثقافة بين ۱٥ مبدعًا ثقافيًا شابًا من جميع أنحاء العالم العربي في برلين، وذلك في إطار دورات التدريب على الإدارة الثقافية. قضى المشاركون ستة أسابيع مع بعضهم البعض في برلين، من أجل مواصلة التدريب في مختلف مجالات الإدارة الثقافية واكتساب لمحة حول المشهد الثقافي الألماني، وأخيرًا وليس آخرًا، من أجل التواصل فيما بينهم.

تضمن برنامج الرحلة، التي قضى خلالها المديرون الثقافيون الشباب نحو شهر ونصف في ألمانيا، زيارات ميدانية إلى مختلف المؤسسات الثقافية الألمانية، حيث تسنَّى لهم التعرف على بعض جوانب العمل فيها من خلال مراقبة سير العمل على مدى أسبوع. تطرَّقت مرحلة التدريب الفعلية إلى موضوعات مختلفة، من بينها أسس الإدارة الثقافية والسياسة الثقافية والاتصالات والتسويق وتنمية الجمهور والتخطيط المالي وجمع التمويل وغيرها من الموضوعات.

وسرعان ما تجلَّى خلال الرحلة طاقة المشاركين وشغفهم بالمعرفة. تصف لنا هيا السادة من البحرين مدى تطلُّعها على مدى البرنامج إلى اكتساب الكثير من المعارف الجديدة جنبًا إلى جنب مع المشاركين الآخرين. وتستطرد ريم قطيشات من الأردن قائلة: "تلك زيارتي الأولى إلى ألمانيا، وأشعر وكأنني في عالم ديزني. كل شيء مثير؛ أبقي عينيّ مفتوحتين في جميع الاتجاهات حتى لا يفوتني شيء. كل شيء يثير إلهامي واهتمامي.

"الدفاع عن الرؤى في خط المواجهة"

لا شك أن المشاركين قد اتجهوا خلال إقامتهم في ألمانيا إلى مقارنة العمل الثقافي في ألمانيا بالمشاهد الثقافية في أوطانهم. إلا أن تلك المقارنة المباشرة أثمرت عن أوجه إلهام وأفكار حملها المبدعون الثقافيون الشباب معهم إلى بلدانهم. يقول المشارك التونسي هاني مطر في هذا الصدد: "لا سبيل لمقارنة كلا المشهدين الثقافيين، سواء من ناحية الكم أو الكيف. فكما رأينا خلال زيارتنا إلى كامب ناجل في هامبورج، يدافع المبدعون الثقافيون في ألمانيا في خط المواجهة عن رؤاهم. فالشخصيات من أمثال أميلي دويفلهارد، مديرة كامب ناجل، التي منحت اللاجئين مسكنًا في إطار حملة فنية، ووُجِهَت إليها تهمًا في المقابل، يؤمنون بما يفعلونه ولا يمكن لأحد أن يثنيهم عنه." ويستطرد قائلًا: "الأمور في تونس أكثر ارتجالية بكثير. حيث تختزل الثقافة على المنتج. ومن جهة أخرى تقف الثقافة في تونس في موقف دفاعي، وذلك لأنه يتعين علينا التعامل مع تحديات اقتصادية واضطرابات سياسية تصل إلى حد الإرهاب. وكل هذا يعرقل مواصلة تطور المشهد الثقافي."

ولكن من أجل تحفيز هذا التطور على وجه التحديد، يتسنَّى للمشاركين في نهاية البرنامج التقدم للحصول على تمويل مشاريعي من شأنه أن يساعدهم في تطبيق مشروعاتهم المنشودة في بلدانهم الأصلية. فخلال العام الحالي على سبيل المثال، نجد أن حسام هلالي من السودان سيستغل الدعم في تأسيس مجلة ثقافية مستقلة، أما عمر شنافي من المغرب فسيساعده على تنظيم ورشة عمل للتصوير الفوتوغرافي وذلك قبيل انعقاد مهرجان دولي ضخم عن التصوير الفوتوغرافي في وطنه. كما حصلت إيمان زكي من مصر على هذا التمويل. وهي ترغب في توفير مساحة أكبر للفن الأدائي في الإسكندرية وتأسيس ما يطلق عليه "PerForm Office" (مركز للفنون الأدائية) لهذا الغرض. إلا أن إيمان زكي لن تحصل على الدعم المطلوب لتنفيذ المشروع من التمويل المالي فحسب، فتقول في هذا الصدد: "من خلال كافة اللقاءات التي تمت في إطار دورات التدريب على الإدارة الثقافية وفي المؤسسات الثقافية ذات الصلة وكذا فيما بيننا كمشاركين في السمينار، تجلَّت إمكانات هائلة للمزيد من التعاون من شأننا أن نستغلها في عملنا في المستقبل." وتستطرد إيمان قائلة: "خلال معظم السمينارات وفي إطار البرنامج بأكمله تمحورت الأنشطة في كثير من الأحيان حول مبدأي التقييم والتغذية المرجعية. وأرى كم الإمكانات التي تولدت عن هذا النهج، والتي من شأني تطبيقها في عملي في المستقبل."

واختتمت الدورة التدريبية لهذا العام بمتابعة شخصية لأربعة مشاركين آخرين ممن لم يحالفهم الحظ في الحصول على تمويل مشاريعي. حيث تسنَّى لهم في هذا الصدد وضع اللمسات الأخيرة على مشروعاتهم مع مدربة ذات خبرة وكذا التخطيط لخطواتهم المهنية المقبلة والتصدي للتحديات التي يواجهها المديرون الثقافيون في المنطقة على نحو فعَّال.