شاشة العرض  ٤ شوارع: برلين ملكنا الآن!

صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: توني وفينس وعباس في السيارة.
صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: توني وفينس وعباس في السيارة. © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.

بلا شك أن مسلسل "٤ شوارع" يعتبر من ضمن المسلسلات التلفزيونية الألمانية الأكثر تأثيرًا في السنوات الأخيرة. فمنذ إذاعة المسلسل، تسعى كل القنوات التلفزيونية الألمانية وكذلك خدمات البث المباشر في ألمانيا إلى إنتاج مسلسلات ذات طابع بوليسي ينبع من الحياة اليومية لشوارع مدن ألمانيا ويشارك فيه عدد من مغني الراب الألماني. ومع ذلك فقد اثبت مسلسل "٤ شوارع" انه يتناول أكثر بكثير من مجرد مشهد الهيب هوب الألماني، وبإمكانه جذب أيضاً المشاهدين الشباب من جيل Instagram و TikTok.

يلاحظ المشاهد من اللحظات الأولى لمسلسل "٤ شورع" أنه مسلسل ألماني مختلف. فهناك شاب يجلس أمام مطعم للوجبات السريعة ويأكل، بينما يدور حديث باللغة العربية في الخلفية. من ثم يدعوه شاب آخر إلى ركوب دراجة بخارية مناد
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: طوني (كيدا خضر رمضان) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: طوني (كيدا خضر رمضان)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: روبرت ولطيف (مارك هوسيمان / وسيم طه) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: روبرت ولطيف (مارك هوسيمان / وسيم طه)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: فينس (فريدريك لاو) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: فينس (فريدريك لاو)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كوتشا (أوليفر ماسوتشي) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كوتشا (أوليفر ماسوتشي)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: أمارة (ألميلا باجرياسيك © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: أمارة (ألميلا باجرياسيك
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: راف (رونالد زيرفيلد) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: راف (رونالد زيرفيلد)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كمال والكسندر (سامي ناصر / جيردي زنت) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كمال والكسندر (سامي ناصر / جيردي زنت)
ياً: "يلا، تعال.” وينضم هنا ايضاً المشاهد اليهما، لتبدأ الرحلة مع الشابين المنطلقين على الدراجة البخارية على طول شارع زونن اليه في برلين بمنطقة نويكولن، حتى يصلان إلى منطقة كروزبرج. فبتلك المنطقة وبالتحديد في حديقة جورليتسر بارك، يقوم الشبان بشراء المخدرات من بعض تجار المخدرات السود بالحديقة. خلال هذا المشهد نسمع إيقاع ثقيل ومظلم لموسيقى الراب والذي يغني عليه حسن ك. -وهو مغني راب من نويكولن، لم يكن معروفًا قبل مسلسل "٤ شوارع" -الكلمات التالية: "المدمنون لديهم تمرد وهم، والمخدرات تحل محل دفء الأم، يسيل لعابه، والآن الكريستال هو طعامه."
 
مشهد البداية والذي قد يبدو مبتذلاً، لأنه أمراً قد اعتاد البعض على رؤيته في برلين، كان حقيقةً بمثابة ثورة فكرية صغيرة للجمهور والمشاهد الألماني. فالمضمون الغالب على الدراما والمسلسلات الألمانية عادةً ما يُظهر كل ما يُفترض أنه لا يتوافق مع ما يسمى "بالوسطية المجتمعية"، بطريقة غير واقعية ومبالغ فيها وبلا رأفة. على سبيل المثال، عندما يظهر شخص غير أبيض اللون في مسرح الجريمة، فإنه غالبًا ما يكون شريرًا ويتم تجسيده للجمهور بطريقة أحادية البعد، ويتم التعامل معه بدون أي تعاطف من قبل الكاميرا والمخرج. أما منذ إذاعة مسلسل "٤ شوارع" في عام ٢٠١٧، أصبح من الصعب جدًا في المشهد التلفزيوني والسينمائي الألماني تصوير الفئات المهمشة من المجتمع بنفس هذا القدر من التجاهل.
 
أما فيما يخص القصة، فمسلسل "٤ شوارع" يحكي قصة درامية تقليدية عن الجريمة المنظمة. يتبع المسلسل لعبة القط والفأر الإلزامية على مدار حلقاته. فهناك صراعات يمكن للمشاهد التنبؤ بها بين المجموعات الإجرامية المتنافسة، ولكن يتميز المسلسل في الأخص بسرده لقصة عائلية. قصة تُظهر مجموعة من الرجال تربطهم في بعد الأحيان قرابة عائلية مباشرة، وهم يكسبون المال من خلال العنف والإتجار بالمخدرات، ويسرد المسلسل أيضاً قصة حياة الأشخاص الذين يعيشون من هذا المال القذر، واللذين هن الحبيبات والزوجات وكذلك أطفال هؤلاء الرجال. والمميز في ذلك أن مسلسل "٤ شوارع" يسرد تلك القصص بمصداقية وواقعية شديدة. فالمسلسل لم يجعل الهدف الرئيسي له هو خلق سيناريو يسمح بإدراج أكبر كم من العنف على الشاشة، كما هو الحال في العديد من المسلسلات. بل نجح المسلسل في أغلب مضمونه على إظهار الشخصيات كأناس حقيقيين، وليس فقط كجناة وضحايا.
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: طوني (كيدا خضر رمضان) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: طوني (كيدا خضر رمضان)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: روبرت ولطيف (مارك هوسيمان / وسيم طه) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: روبرت ولطيف (مارك هوسيمان / وسيم طه)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: فينس (فريدريك لاو) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: فينس (فريدريك لاو)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كوتشا (أوليفر ماسوتشي) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كوتشا (أوليفر ماسوتشي)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: أمارة (ألميلا باجرياسيك © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: أمارة (ألميلا باجرياسيك
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: راف (رونالد زيرفيلد) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: راف (رونالد زيرفيلد)
  • صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كمال والكسندر (سامي ناصر / جيردي زنت) © 2017 Turner Broadcasting System Europe Limited & Wiedemann & Berg Television GmbH & Co.
    صورة لمسلسل "٤ شوارع" من إنتاج شركة TNT. الصورة: كمال والكسندر (سامي ناصر / جيردي زنت)
مثير للاهتمام أيضًا: الجدل حول قوة وتأثير ما يسمى بـ "العائلات الكبيرة" - والتي غالبًا ما تكون تجمعات لعائلات مسلمة ذات أصول لبنانية، وهى تشارك فرق الروك وغيرها من المنظمات في السيطرة على الحياة الليلية المحلية وكل ما يتعلق بها من أنشطة أخرى - لم يصبح محل اهتمام كبير في ألمانيا إلا بعد إذاعة مسلسل "٤ شوارع" وحصوله على إعجاب المشاهدين الشباب وكتابة الصحف والمجلات الكبيرة عنه. حينها أصبحت في ألمانيا دراية بأمور كان يتم تجاهلها إلى حد كبير في الماضي، ويرجع سبب تجاهلها لكونها أمور تخيف عامة الناس: فهؤلئك الأشخاص والفئات المهمشة تم حرمانهم من الانخراط في الهيكل المجتمعي لعقود من الزمن، لكنهم استطاعوا من خلال ذكائهم الاقتصادي وعدم اكتراثهم بالقانون أن يصبحوا أغنياء وأقوياء لدرجة أن تأثيرهم لم يعد يقتصر على "الحياة الليلية"، بل امتد ليؤثر على الحياة الاجتماعية ايضاً. هذا التطور وهذه القصة ليست بالجديدة، فأنتم تعرفون أمثال تلك القصص من الأفلام والمسلسلات عن المافيا الإيطالية في الولايات المتحدة أو عصابات المخدرات في أمريكا الجنوبية.
43 TV
يبقى بالطبع سؤال واحد بحاجة إلى إجابة: هل مسلسل "٤ شوارع" مثير للاهتمام فقط بسبب تأثيره ورد الفعل الذي أحدثه، أم أنه أيضاً مادة تلفزيونية جيدة؟ الإجابة العامة للسؤال قد تكون نعم. خاصة في الموسم الثاني وبعد موت فريدريك لاو الذي لعب شخصية "الألماني العفيف" في نهاية الموسم الأول، حيث ركز المسلسل في موسمه الثاني بشكل أكثر وضوحاً على تجسيد حياة المسلمين في برلين، والتي تحتوي على مناطق رمادية تجمع بين القيم الدينية المحافظة من جهة والمواطنة العالمية الحديثة من جهة أخرى، وفي نفس الوقت ازدادت حدة الإثارة في المسلسل. لكن بعد النهاية الدرامية للموسم الثاني تراجع مستوى التشويق في الموسم الثالث. فمن الواضح أن الأشخاص القائمين على إنتاج المسلسل كانوا يريدون تحقيق نجاحاً أكبر في الموسم الثالث، لكنهم فشلوا في ذلك، وانتهى بهم الأمر أخيرًا حيث لم يكن ينبغي أبدًا أن يكون محل المسلسل. (أليس كذلك؟) ألا وهو فخ الدراما المبتذلة. وبالتالي فإن الإجابة على السؤال الثاني -وهو: هل وصل مسلسل"٤ شوارع" إلى مستوى قدواته الأمريكية؟ - هي لسوء الحظ: لا.

علي حمادي "راعي" الأسرة الكبيرة، وهو الدور الذي يلعبه كيدا رمضان، يلقبه أصدقاؤه في المسلسل باسم توني. وهذا بالطبع تيمناً بشخصية أنتوني "توني" سوبرانو، زعيم المافيا المرعب والمضطرب نفسياً في أفضل مسلسل تم إنتاجه عن الجريمة المنظمة، وهو مسلسل "آل سوبرانو". فقد نجح مسلسل "آل سوبرانو" على الرغم من العنف المفرط وعدد ضحايا القتل فيه، أن يقدم صورة معقدة ومثيرة لمجتمع الجريمة المنظمة في أمريكا. علاوة على ذلك، قدم المسلسل تجسيداً ونقداً لمفهوم الذكورية السام، قبل فترة طويلة من ظهور هذه العبارة أو التشبيه على لسان الجميع. مقارنة بذلك لم ينجح مسلسل "٤ شوارع" إلا في التلميح إلى الحزن والهشاشة المختبئة خلف الواجهات العنيفة لهؤلاء الرجال، بينما اتبع المسلسل في غالب الأحيان للأسف نمط تجسيدهم من خلال كليشيهات، جعلت من الشخصيات مجرد قوالب خشبية. أنتوني سوبرانو وكريستوفر مولتيسانتي شخصيات لن تنساها أبدًا، وقد تتذكرهما مثلما تتذكر الأشخاص "الحقيقيين" تقريبًا. فهم تجسيد لشخصيات قد نكون كرهناهم وأحببناهم في نفس الوقت. أما في المقابل، سيظل على وعباس حمادي دائمًا مجرد شخصيات في مسلسل جيد حقًا.

٤ شوارع
ثلاثة مواسم / ١٩ حلقة، كل حلقة مدتها من ٤٥-٦٠ دقيقة.
إخراج: مارفن كرين (٦ حلقات، ٢٠١٧)، أوليفر هيرشبيجل (3 حلقات، ٢٠١٨)، أوزغور يلدريم (١٠ حلقات، ٢٠١٨/٢٠١٩).
تم اعداده وإنتاجه من قبل Wiedemann & Berg Television و TNT Serie. رواية "٤ شوارع" في الأصل للكاتب هانو هاكفورت، وبوب كونراد، وريتشارد كروبف ومارفن كرين (الذي أخرج الموسم الأول أيضًا). الموسم الثالث كتبه هاكفرت وفردريك هامبلك ونيكو شلز-ضورنبورج، بناءً على رؤية هاكفرت وكونراد  وكروبف و اكهارد وايس.