لماذا لم تتأثر أهمية التعدد اللغوي وضرورة تعلُّم اللغات الأجنبية بانتشار الترجمات الآلية؟ هذا ما سنعرفه من ChatGPT، روبوت المحادثة، في هذا المقال.
الإنسان في مواجهة الآلة:
الفروق الثقافية الدقيقة على الرغم من أن برامج الترجمة الآلية، من أمثال "ترجمة جوجل" و"ديپل"، قد سهلت عملية التواصل، إلا أن هذا لا يعني أنها مثالية. فهي غير قادرة على استشعار تلك الفروق الثقافية الدقيقة التي تقوم عليها العلاقات الإنسانية والتي لا غنى عنها لنجاح عملية التواصل بين البشر. من شأن برامج الترجمة الآلية أن تقوم بترجمة الكلمات، لكنها غير قادرة على التعبير عن عمق وثراء اللغات البشرية.
ولتعدد اللغات مزايا أخرى عديدة تتعدى حدود التواصل المحض بين البشر. فلقد أثبتت الدراسات أن التحدُّث بعدة لغات من شأنه أن يحسن الوظيفة الإدراكية، ويعزز التفاهم الثقافي، ويفتح آفاقًا وفرصًا مهنية جديدة. ومع تنامي العولمة تزايدت قيمة وأهمية التعدد اللغوي أكثر من أي وقت مضى.
وربما يكتسب التعدد اللغوي أهمية أكبر في المستقبل في ظل هذا المشهد العالمي القائم على التواصل الناجح والفعَّال بين الثقافات، ويتفوق الملمون بالمهارات اللغوية المتعددة في تكوين العلاقات وتعزيز التفاهم عبر الحدود والفروق الثقافية.
التشابك العالمي: ما السبب وراء أهمية اللغات؟
إن الهجرة العالمية هي أحد أهم العوامل التي من شأنها أن تعزز التوجه نحو التعدد اللغوي. عندما يتنقل البشر حول العالم، فإنهم يجلبون معهم لغاتهم وثقافاتهم معهم، مما يخلق مجتمعات متعددة الصفات واللغات. ولذلك، فإن الإلمام بلغات متعددة لا يعد فقط بمثابة مهارة مفيدة، بل وعنصر ضروري لبناء مجتمعات قوية ومتكاملة.
ولكن التعدد اللغوي يأتي محملًا بالتحديات بلا شك. فكثير من الناس يرى أن تعلم لغات إضافية أمر بالغ الصعوبة أو من شأنه أن يستغرق وقتًا طويلًا. ومنهم من يظن مخطئًا أن الترجمة الآلية من شأنها أن تؤدي هذه المهمة بنفس البراعة. ولكن، لا بد لنا أن ندرك أن الترجمة الآلية لها قدرة محدودة، وأن الترجمة البشرية هي وحدها القادر على استشعار الفروق والاختلافات الطفيفة بين الثقافات واللغات والتعبير عنها بدقة.
وفي الختام، لا يسعنا إلا وأن نقر بدور الترجمة الآلية في تعزيز وتيسير عملية التواصل عبر الحدود اللغوية. لكنها لن تنتقص أبدًا من أهمية وضرورة التعدد اللغوي. فكلما تشابك العالم، كلما تزايدت أهمية وقيمة اكتساب مهارات لغوية إضافية. دعونا إذن نحتفي بالتعدد اللغوية، ونواصل تعزيزه، ونعترف، في الوقت نفسه، بدوره الإيجابي في تكامل وترابط المجتمعات.
٢٠٢٣ أبريل