ساعة الاستشارة – عمود اللغة  الهروب إلى الواحة

تُظهر صورة مائلة إلى اللون الأخضر الداكن واحةً يتقدّمها ماء في المقدمة، بينما يمرّ أشخاص وجِمال في الخلفية. وعلى الجانب الأيمن من الصورة يظهر وجه الكاتب دانييل شتير داخل إطار دائري.
الصورة: الملاذات الضريبية: حيث يأخذ المال إجازة من مصلحة الضرائب. © Papafox / pixabay / via Canva

تبدو مصطلحات مثل “التهرب الضريبي”، أو “الملاذ الضريبي” بريئة، لكنها تشوه الواقع. يوضح دانيال شتير كيف تؤثر اللغة على صورتنا عن الضرائب، وكيف تحجب المشاكل، ولماذا يجب أن نبدأ في الحديث عنها بشكل أكثر دقة وصدقًا.

أعترف بذلك: الضرائب ليست أمراً مثيراً على الإطلاق. من يحب أن يملأ إقرار ضريبة الدخل الخاص به؟ حتى احتمال الحصول على استرداد ضريبي لا يحفز المرء على الجلوس وأمامه مستندات غير مرتبة بشكل جيد، ومراجعة السنة المالية الخاصة به. وعندما يتعلق الأمر بمناقشات الضرائب في البرلمان الألماني، لا يشعر معظم الناس بالحماس.

إذا كانت الإقرارات الضريبية مزعجة، والسياسة لا تثير سوى الاستهجان، فكيف يمكن أن تنشأ الثقة في الدولة؟ ألا تتعامل الحكومات والنواب بشكل غير مسؤول مع أموال الضرائب التي ندفعها؟ وأليس من الأفضل أن تبقى هذه الأموال في جيوبنا؟ من يطرح مثل هذه الأسئلة، يغفل سريعًا أن الضرائب هي أساس الديمقراطيات الحديثة. والأكثر إشكالية هي الطريقة التي نتحدث بها عنها.

في طريقنا إلى الجنة

من الغرائب في اللغة الألمانية أننا نتحدث بشكل ملطف عن “التهرب الضريبي” أو “هروب رأس المال”. فالأشخاص الذين يضطرون بالفعل إلى الفرار من وطنهم غالبًا ما يكونون قد فقدوا كل شيء وعانوا من صدمات لا توصف؛ أما الأشخاص الذين يهربون من الضرائب، أو يهربون برأس المال، فيريدون الاحتفاظ بالمزيد لأنفسهم. ونظرًا لعبثية هذه الاستعارة، فليس من المستغرب أن نصف أماكن لجوئهم مباشرةً بـ”الجنات الضريبية” أو “الواحات الضريبية”.

ما يجمع بين كل هذه التعبيرات هو أنها تجعل الضرائب عبئًا يجب التخلص منه. ويتجلى ذلك أيضًا في مصطلحات مثل “عبء الضرائب” الذي يمكن التخلص منه من خلال “ثغرات ضريبية”. يبدو أن الضرائب، في الاستخدام اللغوي الألماني، هي شيء سلبي بحت.

وهناك صورة أخرى تظهر عندما نتحدث عن الملاذات الضريبية: صورة جزيرة في المحيط الجنوبي، حيث يهرب رجال الأعمال المشبوهون بحقائب مليئة بالمال هربًا من الضرائب الجشعة. ومع ذلك، فإن أربع دول أوروبية، وهي لوكسمبورج وأيرلندا وهولندا وسويسرا، تنتمي إلى أكبر عشرة ملاذات ضريبية في العالم. وبفضل هياكلها القانونية المعقدة للغاية في بعض الأحيان، فإنها تضمن أن الشركات في ألمانيا وحدها تتجنب دفع ٥٫٧ مليار يورو من الضرائب كل عام. هذا لا يبدو جنة بعد الآن، أليس كذلك؟

لماذا أدفع هذه المبالغ في الواقع؟

هل تحب العيش في نظام ديمقراطي؟ إذا كانت إجابتك نعم، فعليك الانضمام إلى مجموعتي من محبي الضرائب. لأن الضرائب لا تمول فقط دولتنا الاجتماعية والتعليم والدفاع الوطني والبنية التحتية – وهي استثمارات لا يمكن للقطاع الخاص وحده تحملها، كما يعترف حتى أكبر مؤيدي السوق الحُرة تطرفا في العالم على مضض.

لكن الضرائب قادرة على أكثر من ذلك. يمكننا استخدامها لمنع الناس من إيذاء أنفسهم والآخرين – وبالتالي توفير التكاليف. على سبيل المثال، في مكافحة كارثة المناخ (ضرائب ثاني أكسيد الكربون)، أو من أجل أسلوب حياة صحي (ضريبة السكر). وكما توضح عالمة السياسة مارتينا لينارتاس بوضوح في كتابها، الذي يستحق أن نوصي بقراءته، “اللامساواة غير المستحقة”، فإن للضرائب وظيفة ثالثة أساسية: يمكنها تقليص الفجوة بين الأغنياء والفقراء.

السيف الأكثر حدة في الديمقراطية

بالنسبة إلى لينارتاس وبالنسبة لي أيضاً، تُعد الضرائب “السيف الأكثر حدة في الديمقراطية”، لأنه دونها لن يكون من الممكن تحقيق تعايش اجتماعي مستدام ومستقر. لذا حان الوقت لنتخلى عن مصطلحي الملاذ الضريبي والجنة الضريبية. اقتراحي: أن نطلق في المستقبل على البلدان التي تدعم الأثرياء والشركات في التهرب الضريبي اسم “شارون الضرائب”: فمثلما يرافق الملّاح شارون في الأساطير اليونانية أرواح الموتى إلى عالم الموت، تساعد ما تسمى بالملاذات الضريبية ديمقراطيتنا على الموت.
Sprechstunde – die Sprachkolumne
In unserer Kolumne „Sprechstunde“ widmen wir uns alle zwei Wochen der Sprache – als kulturelles und gesellschaftliches Phänomen. Wie entwickelt sich Sprache, welche Haltung haben Autor*innen zu „ihrer“ Sprache, wie prägt Sprache eine Gesellschaft? – Wechselnde Kolumnist*innen, Menschen mit beruflichem oder anderweitigem Bezug zur Sprache, verfolgen jeweils für sechs aufeinanderfolgende Ausgaben ihr persönliches Thema.

Weitere Sprachkolumnen