يعبر دانيال شتير عن غضبه: لا تزال الأوساط السياسية والاقتصادية توحي بأنه يتعين الاختيار بين اتخاذ تدابير لمكافحة تغير المناخ وبين تحقيق الرخاء. وهذا يعوق انتهاج سياسة مناخية فعالة – ويجعل كارثة المناخ تقترب بشكل خطير.
من بين أكبر التحديات التي تواجه البشرية تغير المناخ والكارثة المناخية الناجمة عنه. لكن النقاش العام لا يزال في كثير من الأحيان يسير في اتجاه يمنع اتخاذ تدابير لمواجهة هذا التطور الذي يهدد الحياة.ثنائية خاطئة
يحب السياسيون والاقتصاديون المؤثرون الادعاء بأننا يجب أن نختار بين حماية المناخ وبين النمو الاقتصادي: إذا أردنا الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية في المستقبل، يجب أن نتخلى عن الرخاء اليوم.من الغريب وصف التغير المناخي الواضح ومخاطر كارثة مناخية بهذه الطريقة. فمن ناحية، يتجاهل هذا الوصف التوزيع غير المتكافئ للآثار المدمرة للتغيرات المناخية العالمية الجذرية؛ حيث تقع معظم البلدان الأكثر تضرراً في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، وهي بالفعل من بين أفقر دول العالم. لا يمكن أن تقاس المعاناة الإنسانية التي تسببها كارثة المناخ هناك بأي اعتبارات للنمو في أوروبا.
ولكن حتى بالنسبة للبلدان الغنية في شمال الكرة الأرضية، فإن الاعتقاد بأن الاختيار بين الرخاء وبين المناخ أمر ضروري هو اعتقاد خاطئ ومحفوف بالمخاطر. فعلى المدى الطويل، يسير هذان الأمران جنبًا إلى جنب، وكلما طال ترددنا، أينما كنا، كلما كانت العواقب أكثر إيلامًا وتكلفة.
تتمتع فرضية السياسة المناخية القائلة بأننا مجبرون على الاختيار بين الرخاء وبين تدابير تحول دون الرخاء من أجل حماية المناخ، بمؤيدين بارزين، أبرزهم ويليام نوردهاوس. حصل الاقتصادي الأمريكي على جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية في عام ٢٠١٨. ويظهر من خلال نماذجه المناخية، من بين أمور أخرى، أن الاحترار الأمثل للأرض يبلغ ٤ درجات مئوية. وحتى الوصول إلى هذا المستوى، فإن التكاليف التي يتعين تحملها للحد من كارثة المناخ تتجاوز ببساطة ما يمكن تجنبه من دمار. ولا يهم هذا الاقتصادي، مع نموذجه الحسابي، أن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار ٤ درجات سيجعل أجزاء كبيرة من الكوكب غير صالحة للسكن فعليًا – إنقاذ الكوكب بوصفه اعتبارات كفاءة تكنوقراطية.
الانفتاح التكنولوجي والنمو الأخضر وغيرها من الحيل اللغوية
في السياسة أيضًا، أصبح من المألوف منذ فترة طويلة التهرب من المسؤولية باستخدام الحيل اللغوية. أحد أكثر القصص شيوعًا هو قصة "النمو الأخضر". فقد وعد المستشار الألماني السابق أولاف شولتس بأن "التحول الأخضر" سيجلب لألمانيا معجزة اقتصادية ثانية. النمو الأخضر هو وعد مغري لأنه يوحي بأننا لا نحتاج إلى تغيير أي شيء جوهري. ما علينا سوى استبدال الطاقة البنية أو الرمادية القذرة المستمدة من الفحم والنفط والغاز الطبيعي بمصادر طاقة مستدامة، وها نحن ذا! تم منع كارثة مناخية؟! للأسف، الأمر ليس بهذه السهولة.يتم الإيحاء لغوياً باستمرار بأن كل شيء سينتهي على ما يرام بطريقة ما. وهذا ما تعبر عنه بشكل خاص إحدى الكلمات المفضلة لدى الحزب الديمقراطي الحر FDP: "الانفتاح التكنولوجي". لكن الادعاء بأن الحلول ستأتي من السماء إذا انسحبت الدولة وتركت حرية التصرف لقوى السوق، يقترب من إنكار الواقع. حتى لو كنا مقتنعين بأن اقتصاد السوق الرأسمالي قادر على إحداث ابتكارات تساهم في مكافحة كارثة المناخ بشكل فعال، فلا شيء يشير إلى أنه قادر على القيام بذلك بسرعة كافية. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أن منتجي النفط العالميين يبذلون قصارى جهدهم لمنع التحول الأخضر. مهما كان الثمن.
كارثة المناخ لا تنتظر
الأسواق لن تنقذ البشرية من كارثة المناخ. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى حكومات تتحمل المسؤولية وتجد طريقة لتوزيع تكاليف حماية المناخ بشكل عادل. بمعنى أوضح، إن أولئك الذين استفادوا حتى الآن أكثر من غيرهم من تدمير كوكبنا، يجب أن يدفعوا أكثر من غيرهم لإنقاذه.قد يعترض البعض قائلاً: الأسواق لن توقف كارثة المناخ، ولكن تغيير اللغة لن يوقفها أيضاً. وهذا صحيح بالطبع. من الواضح أن مجرد تكييف عاداتنا اللغوية مع الأزمة لن يكون كافياً. ولكن الطريقة التي نتحدث بها عن المناخ ونظامنا الاقتصادي والعلاقة بينهما يمكن أن تحدد الحلول التي يمكننا تصورها. يجب أن تكون اللغة التي تعكس خطورة الموقف بشكل مناسب هي الخطوة الأولى إذا أردنا، كمجتمعات ديمقراطية، منع حدوث الأسوأ. وإلا فإن كارثة المناخ ستحدد شكل حياتنا عاجلاً أم آجلاً.
ساعة الاستشارة – عمود اللغة
في عمودنا "ساعة الاستشارة" الذي يصدر كل أسبوعين، نكرس اهتمامنا للغة باعتبارها ظاهرة ثقافية واجتماعية. كيف تتطور اللغة، وما هو موقف الكتاب من "لغتهم"، وكيف تؤثر اللغة على المجتمع؟ – يعالج كُتّاب الأعمدة المتناوبون، وهم أشخاص لهم صلة مهنية أو غير مهنية باللغة، موضوعهم الشخصي على مدار ستة أعداد متتالية.
٢٠٢٥ سبتمبر