٢٧.٠٢.٢٠٢٣

المدونون برليناله 2023  "سماء حمراء" دراما كوميدية غير معتادة من كرستيان بيتزولد

"سماء حمراء" ، 2023. إخراج: كريستيان بيتزولد. في المشهد: توماس شوبرت ، باولا بير ، لانجستون أويبيل ، إينو تريبس
"سماء حمراء" ، 2023. إخراج: كريستيان بيتزولد. في المشهد: توماس شوبرت ، باولا بير ، لانجستون أويبيل ، إينو تريبس الصورة (التفاصيل): © Christian Schulz / Schramm Film

فاز فيلم "سماء حمراء"، الدراما الكوميدية للمخرج الألماني كريستيان بيتزولد ، بجائزة الدب الفضي الكبرى  للجنة التحكيم في الدورة الثالثة والسبعين من برليناله. تابع المدون أحمد شوقي مسيرة بيتزولد خلال العقد الماضي ليقدم نظرة ثاقبة للجزء الثاني من ثلاثية الفيلم حول العناصر الطبيعية.

من أمتع التجارب التي قد يعيشها ناقد سينمائي أو محب للسينما هي متابعة مسيرة مخرج موهوب عملًا بعد الآخر، ومشاهدة قدرة الفنان على التطور والاختيار وتشكيل فيلموغرافيا خاصة تحمل أسلوبه وأفكاره. هذا بالضبط شعوري حيال تجربة المخرج الألماني كرستيان بيتزولد، الذي يمكن اعتبار السنوات العشر الأخيرة هي سنوات بلوغه ذروة النجاح السينمائي، وهي نفس السنوات التي سعدت فيها بحضور برليناله بانتظام، ومشاهدة أفلام بيتزولد أولًا بأول، فهو أكبر مخرج معاصر مُخلص للمهرجان، يختار أن تُعرض أفلامه للمرة الأولى عالميًا دومًا في برلين.

"سماء حمراء" هو فيلم بيتزولد الجديد ، وهو الجزء الثاني من ثلاثية عن عناصر الطبيعة بدأها بفيلم "أوندينه" الفائز بجائزة أحسن ممثلة في برليناله 2020، والذي كان الماء عنصرًا رئيسيًا في حكايته، بينما تُمثل النار العنصر الجوهري في "مشتعل" كما يوضح العنوان، ومن المتوقع أن يكون الفيلم المقبل حكاية متعلقة بالتراب.

نوع بعيد عن التوقعات

على غير المتوقع في أفلام المخرج، يمتلك "سماء حمراء" حسًا كوميديًا واضحًا خاصة في نصفه الأول، الذي نتابع فيه رحلة إلى منزل في الغابات يقطعها كاتب يحاول إنهاء مسودة روايته الثانية بصحبة صديقه طالب الفنون الذي يريد إنجاز بورتوفوليو بصري للجامعة. يكتشف البطلان أنهما مضطران لقضاء الرحلة في منزل واحد مع امرأة شابة (باولا بير ملهمة بيتزولد الأحدث)، بينما تندلع حرائق غابات في المنطقة لا يلتفت لها الأبطال كثيرًا.
مركز الفيلم هو شخصية الكاتب ليون (توماس شوبيرت)، الذي سرعان ما نكتشف قدر أنانيته وعجزه عن تفهم مواقف الآخرين. طفل كبير يأخذ مواقفًا غاضبةً أغلبها بلا داعٍ، ويرفض التفاعل مع من حوله في بيئة يمكن لأي عاقل أي يرى قدرتها على مساعدته فنيًا وإنسانيًا، حتى لو كانت المساعدة هي تمكينه من أن يُنقّي أفكاره ويتخلص من مخاوفه التي أدت به إلى السدة الإبداعية.

بين الظاهر والباطن

وبينما يعيش صديق البطل والمرأة ساكنة البيت وحارس الشاطئ الذي يكمل المجموعة حالة تفاعل صحي، يرفض ليون الانضمام لهم، مدفوعًا بنزقٍ طفولي ومخاوف كاتب عاجز عن الإبداع، يخفيها بنبرة من الغطرسة والعدائية تجاه من حوله، دون أن يدرك أن القدر يُخبئ للجميع مفاجآت ستُجبره في النهاية أن يغير من نفسه.

أبرز ما في "سماء حمراء" هو قدرة المخرج على تفهم تعقيد شخصياته على رأسها ليون، الذي نكاد نلمس التناقض بين هشاشته الداخلية وعنفه الخارجي، بالتوازي مع شاعرية العلاقات المجاورة له وتطورها المأساوي، ليمنحنا الفيلم في النهاية رؤية خاصة لعملية الإبداع وسط "نار" الآخرين والحياة المعاصرة المشتعلة، مجازيًا وأحيانًا حرفيًا.

المزيد من برلينال

Failed to retrieve recommended articles. Please try again.