مصر

٠٣.٠٤.٢٠١٨

العابرون جنسيًا   رحلة البحث عن حياة جديدة

gender-equality CC0 via pixabay

"من كيرلس إلى كارلا" ميلاد جديد لفتاة عربية عابرة جنسيًا تعيش في برلين. في الصف الخامس من مرحلة الدراسة الإبتدائية، بدأت تظهر على التلميذ كيرلس مسعود بعض علامات البلوغ الأنثوي من نمو الثدي، وإستدارة الخصر، ونبرة الصوت.

في الصف الخامس من مرحلة الدراسة الإبتدائية، بدأت تظهر على التلميذ كيرلس مسعود بعض علامات البلوغ الأنثوي من نمو الثدي، وإستدارة الخصر، ونبرة الصوت.

كارلا مسعود © خاصة  "كان الأمر مروعًا، تعرضت لتحرش وعنف في المدرسة من زملائي الذكور، وفي البيت رفضت الأسرة الاعتراف بكوني أنثى، وأجبرني أبي على تناول عقاقير لتقوية الهرمونات الذكورية، والتعرض لجلسات كهرباء على المخ والثدي لتأخير أعراض بلوغي كأنثى" تقول كارلا مسعود متذكره هذه السنوات المريرة التي عاشتها في طفولتها ومراهقتها بمصر قبل أن تحصل على حق اللجوء إلى ألمانيا وهى في سن الثامنة عشر، وتتمكن من اختيار هويتها الجنسية بوصفها آنثى وتصبح "كارلا مسعود" وليس "كيرلس مسعود".

ولد كيرلس مسعود في إحدى قرى محافظة سوهاج  بصعيد مصر، في ظل مجتمع يعاني من الفقر والتهميش وغياب التنمية والرعاية الصحية، ويسوده قيم ذكورية تتعامل مع القضايا الجنسية بحساسية شديدة، وترفض مطلقًا إجراء عمليات التصحيح الجنسي وتعتبر تحول الذكر إلى أنثى أو الأثنى إلى ذكر بمثابة فضيحة كبرى للأسرة والعائلة.

وسط هذا الصراع والعنف والتحرش والرفض المجتمعي للاعتراف بهوية كيرلس الأنثوية، كانت الأم هى الشخص الوحيد الداعم، تتذكر كارلا مقولة والدتها التي كانت دومًا ترددها وهى تبكي قائلة: "لو كنت ذكر فأبني، ولو كنتِ أنثى فبنتي".
وصل كيرلس إلى ألمانيا في شهر سبتمبر عام 2014   وحصل على رعاية طبية ونفسية لمدة عامين كخطوة قانونية تكلفها الحكومة الألمانية للأشخاص العابرين جنسيًا، وبعد انتهاء فترة المتابعة الطبية تمكن كيرلس من الحصول على هوية جديدة بإسم كارلا مسعود، ومنذ عدة أشهر تزوجت كارلا من صديقها الألماني روبيرت زيمرمان.

حول رحلت كارلا من مصر إلى ألمانيا وحياتها الجديدة وأبرز التحديات التي تواجه العابرين جنسيًا دار معها هذا الحوار.
حاورها: إسلام أنور
 
من كيرلس إلى كارلا كيف كانت هذه التجربة؟

تجربة مؤلمة وقاسية خاصة في المرحلة التي عشتها في مصر، فقد ولدت بتشوهات جنسية وأهلى اعتقدوا إني ذكر، لكن بعد دخولي المدرسة، بدأت أشعر بهويتي كأنثى خاصة مع ظهور علامات البلوغ، وعندما أخبرت أسرتي بهويتي كأنثى تعرضت للأهانة والعنف، ورفضوا تمامًا الاعتراف بكوني أنثى خوفًا من العادات والتقاليد، وتعرضت لجلسات كهربائية لإخفاء علامات البلوغ الأنثوي، وتهديدات بالقتل، لذلك هربت من البيت وبعد فترة تمكنت من السفر إلى ألمانيا وهناك حصلت على هوية جديدة بإسم كارلا مسعود.

لماذا اخترتِ اللجوء إلى ألمانيا تحديدًا؟

الأمر جاء مصادفة كنت أريد السفر بعد مطاردة أهلي وإصرارهم على قتلي، وبحثت عن الدول التي تمنح الأشخاص الحق في اختيار هويتهم الجنسية، ووجدت ألمانيا واحدة من تلك الدول، وتقدمت بطلب لجوء للسفارة الألمانية في مصر، وعندما وصلت ألمانيا بدأت في إجراءات الحصول على هوية كأنثى، ووفقًا للقانون الألماني لكي يحصل الشخص على هوية جنسية مختلفة عليه المتابعة مع طبيب نفسي ودكتور متخصص في الهرومونات لمدة عامين  لتأهيل الشخص والتأكد من قدرته على التأقلم مع حياته الجديدة، وكانت هذه الفترة تجربة مهمة وفارقة في حياتي وشعرت بدعم وثقة كبيرة من الطبيب النفسي ومن الأصدقاء الذين تعرفت عليهم في ألمانيا.

إلى أي مدى واجهتك صعوبة في الاندماج داخل المجتمع الألماني ؟

لم تكن هناك صعوبات سوى تعلم اللغة الألمانية، فالمجتمع الألماني يحترم التعددية والاختلاف ويتقبل الاخر، ولم أقابل طوال السنوات الأربع التي قضيتها في ألمانيا أي شخص يسألني عن هويتي الجنسية أو ديانتي أو جنسيتي، ومن حسن حظي أني أقيم في مدينة برلين وهى مدينة متعددة الثقافات.

ما هى أكثر اللحظات الفارقة التي عايشتيها خلال رحلتك من مصر إلى ألمانيا؟

لحظة وصولي مطار برلين، فبمجرد وصولي هرولت إلى الحمام وخلعت ملابسي الذكورية، وارتيدت فستان نسائي كنت احتفظ به في حقيبتي، ولأول مرة أشعر بالحرية والأمان والحق في ممارسة هويتي كأنثى، كانت لحظات فارقة في حياتي، كذلك من اللحظات الفارقة عندما حصلت على بطاقة الهوية والباسبور الألماني بإسم كارلا وليس كرليس، لقد شعرت بميلاد جديد.

رغم حياتك الجديدة في برلين وتعلمك للغة الألمانية لكنك تكتبي على صفحتك على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بالعربية وتهتمي بما يحدث في مصر والشرق الأوسط  كيف ترى العلاقة بين ماضيك وحاضرك؟

أكتب بالعربية وأتواصل مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الشرق الأوسط لآن هناك مئات من العابرون جنسيًا الذين ترفضهم وتضطهدهم مجتمعاتهم ولا تعترف بحقوقهم، لذلك أحاول دعهم  والدفاع عن حقوقهم ومنحهم أمل في حياة جديدة يستطيعوا العيش فيها بحرية وكرامة.

تزوجتي من صديقك الألماني روبيرت زيمرمان ماذا تمثل هذه الخطوة في حياتك وما هى خططك المستقبلية؟

روبرت ليس زوجي فقط ولكنه صديقي، وهو من أكثر الأشخاص الداعمين بقوة والمؤمنين بحقي في أن أعيش حياتي التي اخترتها لا التي تم فرضها عليا، أود أن أشكره كثيرًا على دعمه وحبه، وبالنسبة لخططي المستقبلية أتمنى أن نتبنى طفل وكذلك أن أتفوق في دراستي وحياتي العملية.
Karla Masoud © خاصة