هناك أزمة آخذة بالتفشي في فلسطين. "لا توجد أرض أخرى" (نو آذر لاند)، وثائقي من فلسطين، يلتقط مشاهد للاحتلال الإسرائيلي المتواصل والإبادة الجماعية الجارية حاليًا في فلسطين. عقب العرض الأول في مهرجان برلين السينمائي الرابع والسبعين، وإدراجه في برنامج البانوراما، تلقى الفيلم احتفاء حماسياً بالتصفيق وقوفاً بعد عرضه.
ما فَتِئَ باسل عدرا، الناشط الفلسطيني من سكان مسافر يطا في الضفة الغربية، يقاوم الاحتلال الإسرائيلي منذ نعومة أظفاره. التقى بيوفال أبراهام، وهو صحفي إسرائيلي أبدى دعمه لقضية باسل. الفيلم هذا عبارة عن تعاون بين باسل ويوفال ومخرجين سينمائيين اثنين آخرين هما حمدان بلال وراشيل سزور، سعيًا إلى تحقيق العدالة. نقدم فيما يلي ملخصًا للحوار الذي أعقب عرض الفيلم.كيف بدأت عملية صنع "لا توجد أرض أخرى"؟ ما هي التحديات التي واجهتكم؟
باسل: كتبنا مقالات ووثقنا أشياءً كصحفيين في مسافر يطا على مدى خمس سنوات. ومن ثم شعرنا بالحاجة لفعل شيء ما أكبر من الصحافة. وذلك بصنع فيلم وثائقي.
يوفال: كما ترون في الفيلم، كان لا بد لنا من مواجهة الكثير من التحديات. راشيل وأنا ننعمان بالحرية: نعيش في ظل قانون مدني ونتمتع بحرية الحركة، على عكس باسل وحمدان، فهما يعيشان في ظل احتلال عسكري. لم يتمكنا من زيارتنا. لذا، قمنا بمعظم علميات التحرير في مسافر يطا.
اقتحم العسكر منزل باسل مرتين، حيث أخذوا معداتنا وكاميراتنا وحواسيبنا. وهذا لم يحصل أثناء عملية التصوير فقط؛ فمسافر يطا تتعرض للتدمير لحظة حوارنا هذا.
جلسة أسئلة وأجوبة مع باسل عدرا ويوفال أبراهام في الدورة الـ 74 من مهرجان برلين السينمائي الدولي. | © معهد جوته إندونيسيا \ بيرماتا أديندا
باسل: لقد تحدثنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكتبنا عدة مقالات. إلا اننا أردنا الوصول إلى جمهور أوسع، لممارسة الضغط على الحكومات الغربية التي ترسل المساعدات العسكرية والتمويل لإسرائيل؛ سعيًا وراء حل سياسي.
يوفال: أعتقد أن السينما تتيح لنا التقاط لحظات العنف المتواصلة ونسجها في سرد واضح بحيث يرى الناس أن هذه الأحداث لا تحدث بصورة عشوائية. فالعنف ضد الفلسطينيين أصبح أمرًا طبيعيًا، بما في ذلك غزة. هناك انطباع بأن حيوات الإسرائيليين هي أكثر قيمة من حيوات الفلسطينيين بالنسبة للجمهور الغربي وإعلامه. أما بالنسبة لي، فالفيلم يحاول دحض ذلك الانطباع.
مع استمرار الصراع، كيف قررتم كصناع أفلام وناشطين متى تبدؤون ومتى تنهون هذا المشروع؟
باسل: كان من الصعب جدًا تحديد الوقت المناسب لإنهاء هذا الفيلم. فهذا الوثائقي لا يوثق شيئًا حصل سابقًا، بل يحكي قصة لا تزال تتواصل فصولاً.
كما ترون في الفيلم، الوضع ما فتئ يزداد سوءًا. في 13 أكتوبر، صورت مستوطنًا يطلق النار على أحد أقربائي. لم أتخيل أن ألتقط مثل هذه اللحظة بالكاميرا قط.
ما الذي يمكننا فعله كجمهور بعد مشاهدة هذا الفيلم؟
يوفال: نحن نعلم أن مصطلح "الفصل العنصري" لا يزال يُعتبر مثيرًا للجدل في ألمانيا. لكن بالنسبة لي، كمواطن إسرائيلي، ليس هناك من مصطلح أكثر دقة لوصف ذلك. مثلاً، نخضع باسل وأنا لسلطة الحكومة الإسرائيلية. الحكومة الإسرائيلية هي من أصدر بطاقتي هويتنا. إلا أنني أتمتع بحق التصويت، في حين لا يتمتع باسل بذلك الحق. يمكنني أن آتي إلى هنا من مطار لا يبعد سوى 20 دقيقة عن منزلي، أما باسل الفلسطيني، فليس لديه مطار يأتي منه. استغرق مجيئه إلى هنا 40 ساعة، للقائكم جميعًا. كلانا كمخرجي أفلام، من نفس العمر؛ أنا حر أما باسل فليس كذلك.
كان تأثير الهولوكوست على عائلتي فادحاً. ولدت جدتي في ليبيا، في ظل الحكم الإيطالي الفاشي، كذلك قُتل أفراد عائلة جدتي في رومانيا وهنغاريا في ظل حكم الهولوكوست.
كإسرائيلي من تلك الخلفية، أود أن أقول للشعب الألماني: لا تستخدموا هذا الإثم الذي اقترفتموه في الحرب العالمية الثانية في مهاجمة عائلة باسل؛ وعدم الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة؛ ودعم حرب حصدت أرواح ما بين 12-13 ألف طفل. إن كان هذا ترجمة لذنب يؤرقكم بسبب الحرب العالمية الثانية، فأنا في غنى عن هذا الذنب.
تصفيق حار بعد عرض فيلم ”لا أرض أخرى“. | © معهد جوته إندونيسيا \ بيرماتا أديندا
٢٠٢٤ فبراير