"عرض "مصري معاصر
رقصات بين الحاضر والماضي
في ضوء خافت، يشدو صوت عذب بكلمات الأغنية التراثية "يا حليلة يا حليلة"، التى تأخذك لسنوات طويلة للوراء قد لا تكون عاصرتها، ولكن على الأقل مر عليك طيفها فى أحد أفلام السينما.
من منى عبد الناصر.
أصوات لحركة تأتي من مكان مرتفع، شباب بملابس متنوعة منها الكلاسيكي والمعاصر، حفاة الأقدام، يحملون مباخر بين أيديهم، وينتشرون بين الجمهور، ثم يتجمعون فى منتصف المسرح.
هذا المشهد الجذاب لم يكن سوى بداية لعرض "مصري معاصر" الذى قدمته فرقة "نوت" للرقص المعاصر، ضمن فعاليات الدورة الثانية من مهرجان "Breaking "walls.
إذا كنت من هواة التراث، أو الفن المعاصر، إذا كنت من هواة الطرب أو من محبي الأغاني السريعة، إذا كنت من عشاق الرقص الهادئ أو الحركة السريعة، فستجد فى هذا العرض كل ما تصبو إليه، مزيج من حياة المصري قبل سنوات مضت وحياته الآن، ملابسه، غنائه، رقصه.
رحلة للجنوب
الذين يعرفون اللهجة الصعيدية، وهى لهجة أهل جنوب مصر، يعرفون الأغنية التراثية "يا أبو اللبايش يا قصب ..عندنا فرح واتنصب"، والقصب من أهم محاصيل أهل الصعيد، حيث يٌعد موسم حصاده بمثابة العيد لهم، ففى هذا الموسم تزوج الأسر فتياتها وتُقام الأعراس من عوائد بيع المحصول.هؤلاء الشباب والفتيات رحلوا بك إلى صعيد مصر بأغنيته التراثية القديمة مع بعض التصرف، وعادوا بك من جديد لرقصة أكثر حيوية وسرعة تجعلك تقفز ٤٠ عامًا دفعًة واحدًة لتتساءل: ماذا حدث؟ وكيف وصلت إلى هنا الآن؟.
الحياة المعاصرة
لأن الحياة المعاصرة ليست دائما سيئة، ولا تحمل الأفضل طوال الوقت، فلكل من المشاركين بالعرض ما يضايقه و يسعده، ذكريات جميلة ومواقف سيئة، يعبر عنها كل منهم فى جمل قصيرة تتخلل الغناء والرقص، ومن المشاهد الحالمة إلى كلمات حديثة قد لا يكون لها معنى، ولكنها سمة الحياة المعاصرة: "هظبطك.. قشطة.. عنب.. حلاوة.. زى الفل".لا تخلو الحياة المعاصرة كذلك من الصراع بين الأصدقاء أو الأحباء، وهو ما عبر عنه الراقصون بحركات تشبه لعبة الكراسي الموسيقية التى يكسبها من يسرع بالجلوس على الكرسي أولًا، والتشابك بالأيدي أحيانًا، ولكنها أيضًا لا تخلو من نقطة الالتقاء.
البحث عن هوية
يعكس العرض مدى تأثير الفلكلور المصري على المجتمع فى العصور السابقة، ويثير تساؤلات حول ماذا حدث؟، وكيف تغيرت ثقافتنا؟ وفى ظل هذا التباين بين ماضينا وحاضرنا كيف سيكون مستقبلنا؟ وهل سيخلق هوية ثالثة جديدة للمجتمع المصري .على أنغام أغنية "سكر" للفنان: سمير صبري يختتم الراقصون عرضهم المسرحي الغنائي الراقص بحب الحياة وحب الفن. ماضينا جميل وحاضرنا مرتبك أحيانًا، ولكن بيدنا أن نخلق مستقبل مليء بالفرح لأن الدنيا "سكر حب الدنيا أكتر".
تعليقات
تعليق