الوصول السريع:

(Alt 1) إذهب مباشرة إلى المحتوى (Alt 2) إذهب مباشرة إلى مستوى التصفح الأساسي

نهج تدريبي مختلف بعض الشيء

التقى المشاركون للمرة الثالثة في نوفمبر لحضور وحدة التدريب الثالثة والأخيرة من مشروع "التربية المدنية" في دورته لعام ٢٠١٨.
معهد جوته تونس / زاين بشير

التقى المشاركون والمشاركات في مشروع "التربية المدنية" في دورته لعام ٢٠١٨ لحضور وحدة التدريب الثالثة التي انعقدت في بداية شهر نوفمبر. وقد تسنى لهم تطبيق الخبرات التي اكتسبوها من الوحدتين الأولى والثانية خلال شهري مايو ويونيو في مصر وبافاريا، في الدورات التدريبية التي قاموا بتنظيمها على مدى الأربعة أشهر السابقة للدورة الثالثة والأخيرة.  
 

يعمل مشروع "التربية المدنية" على تعزيز التعليم المدني غير الرسمي في مصر والأردن والمغرب وكذلك تونس، ويستهدف المدربين المحترفين في مجال التربية المدنية. فجميع المشاركين هم بالفعل مدربون متمرسون وبمثابة "عناصر مضاعفة للتدريب" في منظمات غير ربحية ومبادرات مستقلة في مصر والأردن والمغرب وتونس. وقد تسنى لجميع المشاركين تبني منهج تدريب شخصي وكان لديهم استعداد للتفاهم والتواصل مع بعضهم البعض بأسلوب ديمقراطي في سبيل فهم واستيعاب موضوعات التدريب على نحو أفضل والتطرُّق إليها من منظور غير مألوف، والتي كان من بينها: السلطة والهوية وحل النزاعات. وذلك لأن التحديات والفرص التي تنطوي عليها المبادئ الديمقراطية تتجلى بوضوح وتصبح ملموسة على أرض الواقع عند اتخاذ القرارات وحل الأزمات في إطار سياق العمل الجماعي الذي تستند إليه ورش العمل.  
     

جميع المشاركين هم بالفعل مدربون محترفون ويعملون في منظمات غير ربحية أو مبادرات مستقلة.معهد جوته تونس / زاين بشير
جاء المشاركون والمشاركات من مصر وتونس والأردن والمغرب لحضور وحدة التدريب الثالثة ومعهم تساؤلات عديدة انبثقت من تجاربهم العملية ذات الخلفيات المتنوعة، ومن بين هذه التساؤلات: "ما هي الحدود التي ينبغي عليّ مراعاتها؟" أو "كيف أجذب المزيد من المشاركين إلى دوراتي التدريبية" أو "إلى أي مدى يجوز لي تشجيع الشباب على المطالبة بحقوقهم إن كان ذلك قد يعرضهم لمواقف صعبة؟".  

خواطر خالية من التحيُّز والأحكام

 منحت ورشة العمل المشاركين الخمسة عشر مساحة كبيرة للتأمل والتفكُّر. وحرص المدربون الألمان، سوزانِه أولريش وفلوريان ڤِنسِل، في نهجهم التدريبي على ألا يقتصر المشاركون في تواصلهم وتفكُّرهم على المشكلات والتحديات فحسب. وقد علَّق فلوريان ڤِنسِل، وهو أحد المدربين في مركز البحوث السياسية التطبيقية، على هذا الأمر قالًا: "نسعى لرؤية الجانب المشرق والتحدُّث عن الدوافع والموارد ونقاط القوى أيضًا." هكذا سيتسنى للمدربين، وفقًا لفلوريان، رسم جزء كبير من ملامح واقعهم. ومن أجل تحقيق هذا الهدف لجأ المدربون الألمان إلى تطبيق أساليب مبتكرة ومنها الحوارات التقديرية والتدريب المنهجي والتدريب من قبل الزملاء. وكان هذا التدريب، الذي انضمت فيه سوزانه أولريش إلى المشاركين كزميلة لهم من أبرز أحداث ورشة العمل بالنسبة إليها. وأشار فلوريان إلى أن هذا النهج يساعد المدرب على أن يرى نفسه من بين المتدربين أيضًأ وليس خبيرًا في التدريب على الدوام، وهو جزء لا يتجزأ من التدريب في مجال التربية المدنية.          
 
ونشأت على مر الأيام صداقات بين المشاركين والمشاركات.معهد جوته تونس / زاين بشير
وكان التبادل بين المشاركين من أهم العناصر التي استندت إليها ورشة العمل، وتسنى لهم بالفعل تبادل خبراتهم وأنماطهم السلوكية دون أحكام مسبقة. "ظننتُ أنني سأتعرف على بضع أساليب جديدة وأكتسب المزيد من المعارف فحسب، ولكني اكتشفتُ الكثير عن شخصيتي وعن سلوكي خلال التدريب وذلك من دون أن يقلل من شأني أحد." هكذا وصفت المشاركة المصرية صفا من منظمة "سفراء سلمية" عمليات التبادل في إطار ورشة العمل. إن وجود الثقة بين أعضاء المجموعة لهو من أهم الأسباب لنجاح ورشة العمل. وينبغي على المشاركين والمشاركات في المرحلة التالية خلق تلك الأجواء المفعمة بالثقة في دوراتهم الخاصة.      

تبادل مكثَّف للخبرات

أما المشارك شمس، الذي تسنى له العمل مع اللاجئين السوريين بمنظمة "العدل وبناء السلام"، فهو يعي جيدًا أهمية بناء هذه الثقة بين المدربين من ناحية والمشاركين من ناحية أخرى، لأنه سبق وشهد بعض التوتر بين المشاركين في إطار دوراته التدريبية. وقد تسنى له في إطار وحدة التدريب الثالثة تبادل الرؤى والأفكار مع زملائه على نحو مكثَّف ومشاركتهم خبراته ومشكلاته بالتفصيل. وقد علَّق على هذا الأمر قائلًا: "لو تعمَّقنا في مجتمعنا لرأينا أن كل مجتمع يتكوَّن من مجموعة متنوعة من الطوائف. وأن كل من تلك الطوائف لها هويتها وتقاليدها وثقافتها الخاصة." واستطرد قائلًا: "يمكن للتربية المدنية أن تعلمنا جميعًا التعايش على نحو أفضل. ليتسنى لنا اختبار وإعادة ضبط حدود تسامحنا."         

سياقات مختلفة والجوهر واحد

اكتسب المشارك عبد الرازق من منظمة تزيه المغربية خبرة رائعة من مشاركته في ورشة العمل جنبًا إلى جنب مع مدربين ومدربات من مختلف دول المنطقة. ووصف أجواء ورشة العمل قائلًا: "تحوَّلت الدورة التدريبية إلى ساحة متنوعة بكل معنى الكلمة بما فيها من طيف متنوع من المشاركين كل بخلفيته وثقافاته وجنسيته" وأشار إلى أن تقبُّل التنوع والاختلاف ضروري من أجل تعزيز الديمقراطية والمشاركة المجتمعية وروح الجماعة.
 
يتبادل المشاركون والمشاركات خبراتهم خلال تنفيذ دوراتهم التدريبية الخاصة. معهد جوته تونس / زاين بشير
أضافت المشاركة الأردنية بشرى من منظمة نايا غير الربحية للتدريب والتنمية المجتمعية: "حتى وإن اختلفت طبيعة عملنا، يبقى هناك قاسم مشترك بيننا؛ إنه أسلوبنا ونهجنا في التفكير والحلم الذي نسعى لتحقيقه في مجتمعنا." وأكَّدت أنها ارتبطت بصداقات رائعة ووثيقة مع مشاركين من مصر وتونس والمغرب. "صرتُ واثقة الآن أنني سأجد دومًا من يمكنني اللجوء إليه إن صادفتني أية مشكلات في دوراتي التدريبية." وتسعى بشرى في إطار نشاطها كمدربة في مجال التربية المدنية إلى العمل على المستوى الإقليمي أيضًا وليس فقط على المستوى المحلي. يعي المشاركون في المشروع أهمية شبكة التواصل التي قاموا ببنائها، ليس فقط من حيث قيمتها الشخصية لكل منهم، ولكن من حيث أهميتها في تعزيز وإرساء التربية المدنية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط.        

الوسائل الصحيحة في متناول اليد

إن ما اكتسبه المشاركون من أساليب وأدوات حديثة، لاسيما في وحدتي التدريب الأولى والثانية، مثل أسلوب "التفاعل القائم على الموضوع"، ساعدهم في دوراتهم التدريبية اللاحقة. ومن أكثر الأساليب التي استعان بها المدرب المصري بشير، لاسيما في عمله مع الأطفال، هي تلك التي تتطرق إلى التنوع وصنع القرار. علَّق على ذلك ضاحكًا: "إن ما يحدث حين يتعلَّم الأطفال مهارات صنع القرار لهو أمر لا يصدق." "تجدهم فجأة يقولون أنه صار من حقهم اتخاذ قرار ما بأنفسهم." ويسعى بشير في الخطوة القادمة إلى توثيق ما انعكس على مشروعه المجتمعي "جرينيش" من تقدم جراء المشاركة في هذه الدورة التدريبية، ومن ثم وضع دليل تدريبي حول كيفية الاستعانة بالتربية المدنية في تربية الأطفال.      
 
ولم يخلُ التدريب من المتعة أيضًا. معهد جوته تونس / زاين بشير
لجأت المدربة التونسية سيرين إلى دمج بعض الأساليب التي تعرَّفت عليها من خلال مشاركتها في المشروع بأدوات أخرى كانت على علم بها مسبقًا. واستطاعت أن تنظِّم دورة تدريبية من يوم ونصف حول الهوية والتنوع في الفترة التي سبقت انعقاد الوحدة الثالثة من المشروع. جدير بالذكر أن سيرين تعمل طبيبة جنبًا إلى جنب مع نشاطها في جمعية مبدعون من أجل السلام غير الربحية. وسعت من خلال دورتها التدريبية إلى تعريف المشاركين بأنفسهم على نحو أفضل وتشجيعهم على التساؤل بشأن هويتهم، إلى جانب تجسيد هويات المشاركين الآخرين وتسليط الضوء على مدى تنوعها، كمن خلال أنواع الذكاء المختلفة على سبيل المثال. حكت سيرين عن التدريب قائلة: "وتطرَّقنا في مرحلة لاحقة إلى التحديات والديناميات التي ينطوي عليها التنوع." واستطردت قائلة: "القول أسهل من الفعل. فعند المشاركة في تمرين عملي عن التوازن بين القيم والديناميات نجد أنفسنا فجأة أمام معضلة."        

مضاعفة النهج التدريبي

جاء المدربون من مصر وتونس والأردن والمغرب ومعهم كم كبير من الخبرات العملية في مجال التدريب. إلا أن سوزانِه أولريش أكَّدت فيما يتعلَّق بتأهيل المدربين والمدربات في مجال التربية المدنية أن هذا النهج التدريبي سينطوي رغم كل شيء على قدر من التحدي. وفسَّرت ذلك قائلة: "لأن جميع المدربين والمدربات يعملون في مجتمعاتهم مع أناس لا يتوقعون مثل هذا النهج التدريبي ولم يعتادوا عليه."
 
يعلم المدرب المغربي عبد الرازق أن مهمتهم كمدربين تتمثل في تأهيل المزيد من الناس في مجال التربية المدنية، وأن هذه التجربة لا تزال حديثة، لاسيما في المغرب، وربما لن تلقى القبول في جميع الأوقات، ولكنه واثق في الوقت نفسه أن مهمتهم تمتد أيضًا إلى تشجيع المزيد والمزيد من الناس على الحديث عن التربية المدنية."   
التقى المشاركون للمرة الثالثة في نوفمبر لحضور وحدة التدريب الثالثة والأخيرة من مشروع "التربية المدنية" في دورته لعام ٢٠١٨.معهد جوته تونس / زاين بشير

العودة إلي الحوار و التقدم