الوصول السريع:

(Alt 1) إذهب مباشرة إلى المحتوى (Alt 2) إذهب مباشرة إلى مستوى التصفح الأساسي

برلين: مدينة كِستنر
كِستنر والمخبر السري

راؤول دوفي: أتيليه مع التمثال الناقص. كان هذا الموتيف موجودًا على غلاف النسخة الألمانية من كتاب إيريش كِستنر "فابيان. قصة أحد الواعظين الأخلاقيين".
© عام

وصل إلى محطة أنهالتر، كان لديه "خُن" طلابي يسكن فيه في مييرنغدام، وكان يكتب في المقاهي. أعاد ميشائيل بينيرت البحث عن  السبل التي كان يطرقها إيريش كِستنر من كرويتسبرغ إلى شارلوتنبورغ.

 

من مايكل بينيرت

بقدوم أغسطس 1927 كان الأمر قد حُسم: فقد انتقل إيريش كِستنر من لايبتسيغ  إلى برلين. وهنا سيكتب رواياته التي تتمحور حول المدينة الكبيرة مثل "إيميل والمحققون السريون" أو"فابيان". هذا ما تنص عليه السير التي تتناول حياة كِستنر. تم إزالة المنزل الواقع في شارع براغر17 من الوجود بفعل قصف القنابل، ولكن على بعد خطوات قليلة من دار للرعاية النهارية للأطفال توجد لوحة تذكارية تشير إلى هذا المنزل الذي دُمر حتى لو كانت الأعوام التي تخص المنزل مكتوبة في اللوحة على نحو خاطئ. عندما استأجر كِستنر غرفة هنا من الأرملة راتكوفسكي كان يبلغ وقتها من العمر 28 عامًا وكان يعيش سابقًا في دريزدن ولايبتسيغ . لكن ألا يمكن أن يكون ارتباطه  ببرلين قد بدأ مبكرًا عن هذا التاريخ؟

يقودنا السؤال مباشرة إلى مارباخ في منطقة شفابن حيثما يوجد أرشيف الأدب الألماني وحيثما تكون الأعمال غير المنشورة لكِستنر محفوظة:

"ماما العزيزة! لقد وصلنا لتونا إلى برلين – الأحد، الساعة الخامسة بعد الظهر – ونقيم في فندق تيرمينوس الذي دونت عنوانه في الظهر (...). إنه نُزل صغير ورخيص إلى حد ما في ميدان بوتسدامربلاتس. نجلس الآن في شرفة الفندق ونريد أن نملأ بطوننا بالطعام. ستُغير الملابس وبعدها بعض التأمل لبرلين في المساء . مبسوط جدًا لوجودي مرة أخرى في وكر الدوشة هذا."

هذا ما كتبه كِستنر قبل عام تقريبًا من ارتحاله عن لايبتسيغ . يحب محرر صحيفة نويّه لايبتسيغر تسايتونج البالغ من العمر 27 عامًا حياة الليل حبا جما لدرجة أن يقرر قضاء ليلة رأس السنة في العاصمة. وفي 31 ديسمبر 1926، قبيل التاسعة مساءً، ينزل من القطار في محطة أنهالتر. وفي مواجهة بوابة محطة القطار مباشرة في ميدان أسكانشبلاتس والتي لا تزال أطلالها قائمة حتى اليوم يأوي إلى فندق اكسيلزيور. يوجد بالغرفة 555 بانيو رائع : "رائع! جلست في البانيو طوال الوقت ولعبت بالماء. ثم تسكعت في المدينة"، هذا ما كتبه كِستنر إلى والدته. ليواصل حديثه: "رقصت بعض الشيء ولاحظت الناس وشعرت براحة شديدة. برلين هي الشيء الوحيد المناسب".
تقود جولة رأس السنة الجديدة كِستنر إلى حيث الجامعة، حيث يتذكر "ذلك الوقت الذي أرسلت فيه والدتي مالا إلى برلين". نقب عن أماكن كانت مهمة بالنسبة له في شتاء 22/ 1921عندما كان مسجلا للدراسة في برلين. لا يمكن معرفة الكثير من خلال السير الذاتية لكِستنر حول هذا اللقاء المكثف الأول مع برلين. وبلا جدوى أن نبحث في الرسائل من تلك الفترة: لا عنوان في برلين، ولا في أي مكان. فقط تقرير ليلة رأس السنة المقدم إلى والدته بتاريخ 3 يناير/ كانون ثان من عام 1927 يقودنا إلى الخيط الصحيح. في اليوم الأول من العام الجديد زار كِستنر مبنى سكنيًا لا يلفت الأنظار في منطقة كروتيسبرغ حمل عنوان "بيل أليانسشتراسه رقم 26".

"وقف المنزل هناك مثل أحد المعارف القدامى الذي لم تره من فترة طويلة والذي ينتظر في حرج ما إذا كنت ستلقي عليه السلام أم لا."
ياكوب فابيان

كان سكنه الطلابي يقع في منطقة مييرينغدام
يُسمى الشارع الآن مييرينغدام. قام يوهان زونيفيلد – المؤلف الهولندي لببليوغرافيا عن كِستنر تقع في 2500 صفحة – بتصوير المنزل رقم 26 في شارع مييرينغدام ، لكنه لم يكن يعلم أن التغيير كان قد طال أيضا أرقام المنازل. ومع ذلك تكشف لنا دفاتر العناوين القديمة ما يلي: المنزل الواقع على ناصية شارع كرويتسبرغرشتراسه يحمل الآن الرقم 72. ولا يزال قائمًا! على عكس عناوين كِستنر اللاحقة.

وهو اكتشاف له نتائجه: الآن يمكنك قراءة الفصل الخاص بكرويتسبرغ في رواية فابيان لكِستنر التي نُشرت عام 1931بعيون جديدة. وفي هذه الرواية نرى ياكوب فابيان الذي أصبح عاطلاً عن العمل وهو يهيم على وجهه في برلين لإماتة الوقت فيزور خُنه الطلابي السابق: "وقف المنزل هناك مثل أحد المعارف القدامى الذي لم تره من فترة طويلة والذي ينتظر في حرج ما إذا كنت ستلقي عليه السلام أم لا ". يقرأ فابيان لافتات الشقق الموجودة في بئر السلم، ويتذكر أرملة أحد أمناء السر التي كانت تدعوه بحسب المناسبة لتناول الغداء، كما يتذكر حقيقة أنه لم يكن لديه مال للتدفئة: "قبلها وإلى اليوم، كان دائمًا شخصا بائسا وكان لديه حظوظ وافرة بأن يظل هكذا."

سيوظف كِستنر لاحقًا معايشته وهو طالب في برلين ليملأ شخصية ياكوب فابيان بتلك الحياة السابقة. يتضمن أرشيف مارباخ شهادة التسجيل الجامعية لكِستنر في برلين، ومذكرات السيمينارات، وكذلك مسودة رسالة من عام 1921 إلى المعونة الطلابية، يطلب فيها كِستنر أن يُمنح خصمًا على طاولة الغداء في 107 شارع فريدريش. و هذا هو اليوم عنوان قصر فريدريششتات؛ حيث شَخُصت هناك بعد الحرب العالمية الأولى ثكنة عسكرية ضمت الجهات المالية ومطعم للطلاب. نسب كِستنر لاحقًا هذه المعايشة أيضا من أيام دراسته إلى بطل روايته فابيان: إنه يمقت أي شيء حلو منذ أن أصبح "يتناول مضطرا المكرونة بالسكرين في الكافتيريا الواقعة عند بوابة أورانينبورغر تور ثلاث مرات في الأسبوع الواحد ".

وهنا يتضح نسق للكتابة عنده: غالبا ما تتمتع أماكن الأحداث في روايات كِستنر البرلينية بخلفية عايشها كستنر قابلة لتحديدها مكانيا وذات طابع شخصي، وهو ما يتضح على نحو خاص في رواية الأطفال "إيميل والمحققون السريون" . كتب كِستنر جزءًا على الأقل من الكتاب باستخدام تقنية الاختزال على شرفة مقهى يوستي في ممشى كايزآلّيه، واسمه اليوم ممشى بونديسآلّيه، ناصية شارع تراوتنشتراسه، حيث يوجد الآن سوبر ماركت للمنتجات العضوية (ممشى بونديسآلّيه 201-203). في الرواية يلاحظ المحققون السريون الأطفال اللص غروندأيس على شرفة المقهى. أما المطاردة من محطة قطار حديقة الحيوان إلى ميدان نولندورفبلاتس فقد جرت في محيط نصف دائرة حول غرفة الفندق الذي كان يقيم فيه آنذاك في شارع براغرشتراسه رقم 17. وقد صور كستنر نفسه في داخل المشهد على أنه أحد سكان الحي الودودين. وفي الترام رقم 177 في ممشى كايزرآلّيه يُهدي إيميل تشيباين من مدينة دريزدن الذي تعرض للسرقة تذكرة من عنده
 

يجعل إيريش كِستنر في رواية "إيميل والمحققون السريون" البطل إيميل يصل إلى محطة "حديقة الحيوان". المشهد هنا يؤدي إلى ناحية كنيسة الذكرى. بطاقة بريدية من برلين في عشرينيات القرن الماضي. © عام

400 مارك مقابل سرير من خشب الجوز الأمريكي

عندما طرده ناشره في لايبتسيغ  في صيف عام 1927 بعد أن نشر كِستنر قصيدة بذيئة بمناسبة الاحتفال بمئوية بيتهوفن وبعد أن غامر بالبدء من جديد في برلين وعمل صحفي حر، كان حصوله على شقة خاصة به أمرًا غير وارد. أقام كستنر مثل بطله ياكوب فابيان في غرفة فندق متواضعة السعر؛ وكان مكتبه وغرفة الاجتماعات ومكان التأليف هو مقهى كارلتون بالقرب من ميدان نورنبرغر بلاتس. غير أن بعدها بعامين ازدهرت أحوال ورشة الكتابة الصغيرة لكِستنر. لقد أصبح الناقد المسرحي والصحفي ومؤلف المونولوجات وشاعر القصائد الترويحية ومؤلف الكتب والسينما قادرًا على شراء شقته الخاصة:

لقد عشت ما يقرب من اثني عشر عامًا في نزل رخيص،
ولم يعد هذا محتملا الآن. يا له من أمر تعيس.
في لحظة ما يصبح تحملنا للغباء محال
لذلك اقترضت أموالا كثيرة
وحصلت على شقة صغيرة
في الأول من هذا الشهر سيكون العزال.

هكذا تبدأ قصيدة  "العزال" في جريدة مونتاج مورغن بتاريخ 23 سبتمبر/ أيلول 1929، والتي كان كِستنر يمدها كل أسبوع بقصيدة عن أحد الموضوعات الراهنة. كانت صديقته مارغوت شونلانك، المعروفة باسم بوني، قد عاينت بتكليف من كِستنر شققا مختلفة، لتجد ضالتها بعد أسبوع واحد لا غير في 16 شارع روشيرشتراسه بمنطقة شارلوتنبورغ. رسم كِستنر بنفسه مخططًا للشقة وأرسله إلى والدته. ربما لا توجد صورة للمنزل. يتضمن أرشيف ولاية برلين على ملف البناء للمبنى الذي تدمر في الحرب - مع رسومات الواجهة ومخططات الأرض ومخططات الطوابق.

لم يشيد المبنى السكني الواقع في 16 شارع روشيرشتراسه إلا في عام 1928. وهو مبنى حديث في تصميمه على غرار أسلوب الموضوعية الجديدة في الفنون ومفعم بالحيوية من خلال نتوءات الواجهة ذات الزاوية الحادة ومظهر موحي بالهدوء من حيث توجهه التعبيري. يؤدي المبنى الأمامي المطل على الشارع والذي يضم محل خياطة متخصص في الأزياء الرجالية في فيينا إلى فناء داخلي محاط بجناحين مستعرضين وجناحين جانبيين ذي أحواض نباتية على شكل النجمة.   

حياة شهوانية مفرطة

كان في شقة كِستنر ثلاث غرف وشرفة وغرفة حمام وحمام داخلي ومطبخ وغرفة للخادمة وغرفة لتخزين الأطعمة ودواليب جاهزة التركيب وتدفئة مركزية وهاتف. كان يمكنه الركوب حتى الطابق الرابع بواسطة المصعد. كانت الشقة في تلك العمارة جديدة البناء ذات حوائط مطلية بألوان فاتحة. ومع أن الباركيه كان في حالة جيدة إلا أن كستنر كلف نقاشين، وعمال تركيب ورق حائط وعمال باركيه بتنفيذ أعمال تجديد شاملة. استثمر كستنر 400 مارك في سرير مصنوع من الجوز الأمريكي. خلال هذا الوقت عاش حياة مفرطة النشاط، ليس فقط أدبيًا ولكن أيضًا شهوانيًا – ولم يعد لديه أي رغبة في أن يسمعه أحد عبر حائط الجيران. في "فابيان" يحكي كِستنر على نحو صارخ عن مدى هشاشة الحماية التي تحظى بها الحياة العاطفية في الفنادق المتواضعة من آذان المستأجرين الآخرين.

كتب كِستنر مستحضرا الماضي أن الشقة الواقعة في روشيرشتراسه رقم 16 كانت له مكانًا "لذكريات غرامية من كل حجم وبعض ألوان الشعر". كان هناك مكان كاف في الشقة الفسيحة لاستضافة الأم التي كانت تأتي بانتظام إلى برلين من دريزدن. وإذا ما كان الابن على سفر كانت إيدا كِستنر تقيم بمفردها في روشيرشتراسه وتتولى التنظيف والترتيب.

أصبح مقهى ليون القريب في كورفورستندام رقم 155 هو المكان الدائم الجديد لكستنر. لقد كان جزءًا من المجموعة البنائية الفخمة للمعماري المرموق إيريش مندلسزوون المحيطة بالمسرح الذي لا يزال قائما إلى اليوم والذي افتتح في عام 1928 باسم سينما أونيفيرزوم. وخلف مبنى المسرح لا يزال موجودا ملاعب للتنس، أصبحت الآن مهجورة. وفي أرشيف مارباخ هناك من بين 3500 صورة غير منشورة بعض الصور لكِستنر برداء التنس الأبيض. كان كورفورستندام هو صالون الحمام الشمسي الخاص به: "أجلس كثيرًا في ليون للحصول على بشرة داكنة اللون". كما كان المبنى ذو الرأس المستدير بجوار المسرح القائم اليوم يضم بين جنباته ملهى للفقرات الاستعراضية الكوميدية والذي كتب له كستنر بعض النصوص وكان يظهر فيه بنفسه في بعض المناسبات الخيرية.


في الصباح الباكر يرن الغستابو

أنهى الاشتراكيون الوطنيون (النازيون) مسيرة كِستنر المهنية. في 10 مايو/ آيار 1933 أحرقت كتبه في الساحة الواقعة أمام الجامعة وقد كان كِستنر شاهد عيان لواقعة حرق كتبه. تكتشف في أعماله غير المنشورة شيئًا آخر غير معروف: رسومات نشبت فيها النيران لعالم المسالك البولية والسلوك الجنسي ماغنوس هيرشفيلد وصورة خاصة لكتب احرقت في ما يعرف الآن باسم بيبيلبلاتس - وكلاهما أرسلهما قارئ من بريتس إلى كِستنر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

نجد في أعمال كِستنر غير المنشورة قصاصة من صحيفة "فولكش أوبزيرفر" تعلن في يناير/ كانون ثان 1937 "يوما للشرطة" يتضمن مسيرة احتفالية وحفلات موسيقية وتدريب الكلاب: "ستكون إحدى المتع العظيمة للأطفال أيضًا. سيكون هناك عروض سينمائية ضخمة ستقام في عديد من دور الخيالة مع السماح بالدخول المجاني. هناك سيعرض الفيلم "إيميل والمحققون السريون". في هذه المرحلة أصبح متعذرا الحصول على أي من كتب كستنر في مكتبات بيع الكتب. لكن الفيلم كان لا يزال يستخدم لتعزيز صورة الشرطة المصطفة مع النظام.

في 21 يونيو/ حزيران 1937 قرع رجال الغستابو جرس باب شقة كِستنر وأخرجوا المؤلف الذي كان لا يزال النوم يعاقر عينيه من سريره بعد ليلة خمراء. ذهب به في سيارة مرسيدس سوداء إلى حيث مقر الشرطة في ميدان ألكسندربلاتس – حيث يقع الآن مركز تسوق أليكسا. أراد رجال الشرطة أن يعرفوا من أن يعيش؟ وفي أي دور نشر في الخارج تظهر كتبه؟ إلا أنه بعد ثلاث ساعات أطلق سراحه من جديد.

كانت الشقة الواقعة في 16 روشيرشتراسه بمثابة الملاذ لكِستنر في البيئة النازية لبرلين المعادية له. بين كتبه، ثلاثة إلى أربعة آلاف مجلد، كان يخفى مدوناته السرية عن الحياة اليومية في الرايخ الثالث، أو ما أطلق عليه الكتاب الأزرق. وهو الآن موجود في أرشيف الأدب الألماني؛ وكان هذا الكتاب دائما في متناول يد كِستنر في أثناء غارات الحلفاء الجوية، إلى جانب دفتره البنكي وحقيبة ملابس احتياطية ومصباح يدوي في حالة الهروب السريع إلى الملجأ من الغارات الجوية.

"منذ أيام يتم شحن اليهود إلى فارتهجاو. كان لزاما عليهم ترك كل ما في شققهم من خلفهم وكان لا يُسمح لهم إلا بأخذ حقيبة واحدة لكل شخص. ماذا ينتظرهم؟ كانوا لا يعرفون هذا. – سألني زوجان يهوديان يعيشان في منزلي إذا كنت أرغب في شراء أثاث أو كتب أو صور أو خزف إلخ. كان – كما أخبروني – لديهم أشياء شديدة الجمال ومختارة بعناية. "لكن لا يُسمح لهم بأخذ الأموال معهم"، كما عرفنا هذا من الكتاب الأزرق. وبدافع الحذر لم يدون كِستنر أنه كان يدعم اليهود الذين اختفوا في أوضاع غير قانونية.

في 16 فبراير/ شباط 1944 سقطت قنبلة

حولت حرب القنابل المشتعلة المنطقة المحيطة إلى مشهد من مشاهد نهاية العالم: "كان شارع كورفورستيندام يحترق من كل صوب وحدب". وفي ليلة 16 فبراير/ شباط 1944 أصيب منزل كِستنر: "كنت أريد إنقاذ حياة آلة واحدة على الأقل من الآلات الكاتبة. لسوء الحظ، كان صفير الأعمدة الخشبية يدوي قادما نحوي إلى الطابق الثالث. ومن ثم: كان في الجري نصف الشجاعة!" بعدها انتقل كِستنر للعيش مع صديقته لوئيزهلوته إندرليه في 8 شارع زيبيلشتراسه القريب. وكانت الشقة تقع فوق سينما دي كوربل التي أغلقت في عام 2011.

على بعد بضعة منازل، في مدرسة صوفي-شارلوتّه الثانوية اليوم، في شارع زيبيلشتراسه 2-4، كان على كستنر في شتاء 45/1944 أن يتقدم للفحص من أجل الالتحاق بالمقاومة الشعبية التي عرفت باسم العاصفة الشعبية. أما أنه لم يكن مضطرا للدفاع عن برلين ضد الجيش الأحمر، فقد تم هذا بفضل اتصالاته الجيدة مع صناعة السينما، حيث أصدر أحد موظفي شركة يونيفرزوم فيلم  (أوفا) أوراقًا له أدت إلى ترقيته لوظيفة كاتب سيناريو فيلم "الوجه المفقود". وبهذا استطاع كِستنر أن يغادر إلى تيرول. غير أن أعمال التصوير في مايرهوفن لم تكن سوى مناورة خداعية: فلم يكن هناك في الكاميرات ولو متر وحيد من مادة فيلمية.

نشر هذا النص لأول مرة في صحيفة تاجيسشبيغل بتاريخ 26 نوفمبر/ تشرين ثان 2014 . نتوجه بالشكر لإدارة التحرير على إتاحة الفرصة لنا لنشر المقال على موقع goethe.de.