فيوتشر بيرفكت
ٲفكار شابة تنقذ أقدم شارع بالعالم

"فكرنا فى تحويل قطاع من الشارع تدريجيا للمشاه فقط، فقائدى السيارات يعبرون سريعا ولا يستطيعون تأمل وتقدير قيمة المبانى التراثية الموجودة بالشارع. من وجهة نظرى التوعية والتنفيذ التدريجى هم أساس نجاح أى تغيير حقيقي"، يقول جاسر محمد، طالب بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية وعضو أحد الفرق الفائزة فى مسابقة إعادة إحياء شارع فؤاد، أحد أقدم الشوارع بالعالم.
تحكى د. دينا طه، أستاذ العمارة المساعد بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية وأحد مؤسسى مسابقة إعادة إحياء شارع فؤاد: "بدأ النشاط الصيفى لطلاب قسم الهندسة المعمارية بالإسكندرية عام ٢٠١٢ وكان يقتصر على تصوير وتوثيق أماكن أو شوارع محددة. ثم قررنا تحويل الموضوع عام ٢٠١٥ إلى مسابقة طلابية لإعادة إحياء جزء من شارع فؤاد. كان الهدف من المسابقة هو نشر الوعى لدى الطلاب وتعريفهم ببعض التجارب العالمية فى الحفاظ على التراث. فتجديد المبانى التراثية وترميمها يجب أن يتم بطرق علمية حتى نحافظ على طرازها المعمارى".
شارع فريد محتفظ بتراثه
يقع شارع فؤاد، نسبة إلى الملك فؤاد، بمنطقة وسط البلد بمدينة الإسكندرية ويعد من أقدم الشوارع المطروقة بالعالم. يعود تاريخه للعصر البطلمى، القرن الثالث قبل الميلاد، حيث كان يسمى طريق كانوب. بالطبع مرت عليه الكثير من التغيرات لكنه لم يهجر أبدا. كما أنه أيضا من الأماكن القليلة بالإسكندرية التى لم تخترق كثيرا بالبنايات المخالفة ومازال محتفظا بطرازه المعمارى.
بالرغم من المحاولات العديدة لبعض المواطنين والمبادرات، متل مبادرة "أنقذوا الإسكندرية"، للحفاظ على المبانى التراثية، لم ينجح بعضها للأسف وخسرت الإسكندرية جزء من تاريخها وقيمتها التراثية. فبحسب د. دينا طه، وهى عضو أيضا بالأمانة الفنية للحفاظ على التراث العمرانى بمحافظة الإسكندرية، عدد المبانى التراثية فى مجلد المحافظة، الذى يمنع هدم المبنى،١١٣٥. وحتى مارس ٢٠١٦ تم محو ٤٧ عقار من المجلد طبقا لأحكام قضائية وهدم٥٢ .
يقول د. زياد الصياد، مدرس العمارة بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية وأحد مؤسسى مسابقة إعادة إحياء شارع فؤاد: "نظرا لمساحة محافظة الإسكندرية وعدد المبانى التراثية المنتشر بها لا نستطيع الدفاع عنها كلها فى وقت واحد، لكن من الممكن تركيزجهودنا فى منطقة وسط البلد، التى تمثل قلب الإسكندرية القديمة، كنقطة بداية".
إعادة إحياء ثلاثية الأبعاد
إنقسمت المسابقة إلى ثلاث فئات. الفئة الأولى شملت التصميم الحضرى لجزء من الشارع وتقديم حلول للمشاكل الموجودة مثل الزحام المرورى. والفئة الثانية كانت عن تصميم عناصر فرش خارجى مثل أعمدة الإنارة واللافتات. أما الفئة الأخيرة فركزت على تصميم كراسى للمارة. وتكونت لجنة التحكيم من بعض الأساتذة بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية بالإضافة إلى ممثل عن شركة سيجما للاستثمارات العقارية وممثل عن شركة نوفا إجيبت للصناعات الخشبية، الشركات الراعية للمسابقة.
أوضح المهندس شريف صالح، مدير شركة نوفا إيجيبت، أن أهم النقاط التى ركز عليها فى تقييمه لتصاميم الكراسى هى أن يكون التصميم عملى وقابل للتصنيع. وأضاف: "بعض الأعمال المقدمة كانت جيدة جدا ومن الممكن أن تنافس أعمال المصممين المحترفين. وبالفعل تم تنفيذ التصميم الرابح وسيعرض فى أحد المعارض التى نشارك بها فى دبى".
دروس خارج الفصل
"تحمست للمشاركة بالمسابقة نظرا لأهمية شارع فؤاد الذى درسنا تاريخه. تصميمنا الرابح كان لقاعدة معدنية مسطحة تحيط بالشجر المزروع على الرصيف. ونظرا لتاريخ الشارع كتبنا بعض الجمل باللغة اليونانية عليها"، يقول معاذ أشرف، طالب بكلية الفنون الجميلة وأحد أعضاء الفريق الفائز عن فئة تصميم عناصر فرش خارجى.
أما رحاب محمود، طالبة بكلية الهندسة وأحد أعضاء الفريق الفائز عن فئة تصميم كراسى للمارة، فترى أن الاستفادة الأكبر لها كانت الإحتكاك بالشارع وتعلم ما يمكن تطبيقه وما لا يصلح على أرض الواقع.
يقول كريم محمود، عضو مجلس إدارة شركة سيجما: "نعمل بالفعل على مشروع للتطوير العقارى بشارع فؤاد، واقترح د. زياد أن يشاركنا الطلاب أفكارهم لربط دراستهم بالواقع العملى. أرى أنها بداية جيدة ومفيدة، فبعض الأفكار كانت جيدة، لكن تنقصها الخبرة وأخذ تكلفة التنفيذ بعين الإعتبار. لابد أن تستمر هذه المسابقات ومع الوقت ستتحسن النتائج".
"أنظم جولات سياحية بشارع فؤاد تتحدث عن تاريخ المبانى التراثية وسكانها والتغيرات التى طرأت عليها"، تقول زهراء عوض، مرشدة سياحية. وتضيف: "أهم المشاكل التى ألاحظها خلال عملى هى عدم وجود أماكن انتظار للسيارات، شبكة الصرف متهالكة وتتسبب فى إغراق الشارع فى فصل الشتاء، عدم الإهتمام بالمبانى التراثية وتجديدها مع المحافظة على طرازها المعمارى وبناء مبانى جديدة لا تتناسب مع طبيعة الشارع".
رسم الطريق للمستقبل
"الطريقة المنطقية للحفاظ على المبانى التراثية هى جعلها مربحة. فعلى سبيل المثال بعد إفتتاح بعض المطاعم الجديدة فى شارع فؤاد، أصبح الشارع وجهة للتنزه وارتفعت أسعار إيجارالمحلات التجارية هناك. لهذا بدأ ملاك العقارات يروا فيها فرصة استثمارمربحة بعد أن كانت تمثل لهم عبء مادى يريدون التخلص منه"، يشرح د. زياد.
تعمل حاليا مبادرة إعادة إحياء شارع فؤاد على إنشاء جمعية تضم ممثلين عن المحافظة، سكان شارع فؤاد، المهتمين بالتراث من المجتمع المدنى، الطلاب بقسم عمارة وممثلين عن الشركات المستفيدة من تجديد الشارع. أحد أهداف الجمعية سيكون وضع بعض القواعد للمحافظة على الشارع مثل: منع بعض المخالفات التى تضر بتراث الشارع وفرض إشتراك شهرى مقابل أعمال الصيانة على كل المستفيدين مثل: أصحاب المحلات والسكان. بفضل المسابقة والجمعية نستطيع أن نرى مستقبل مشرق فى انتظار أحد أقدم شوارع العالم.